الـنـصـب الـخـفـي
النصب هو : وهو بغض آل بيت النبوة , ومنه ظاهر ، وخفي .
فمن النصب ما يكون نصبا وإن ادعى الناصبي حبهم : كالمنازعة في فضائلهم الثابتة ، بلا حجة معتبرة , فهذا هو النصب الخفي ، وهو كثير في المنتسبين لأهل السنة للأسف الشديد :
- بسبب الجهل .
- وبسبب مغايظة الشيعة .
- وبسبب حظوظ النفس والحسد .
ومن مظاهره :
١- إنكار أنهم هم المقصودون في الصلاة الإبراهيمية ( اللهم صل على محمد وعلى آل محمد ...) . ويتجاهلون دلالة (الآل) لغة وشرعا ، ويتجاهلون التفسير النبوي لها في الرواية الأخرى التي في الصحيحين ( اللهم صل على محمد وعلى أزواجه وذريته كما صليت على آل إبراهيم ...) .
٢- وادعاء أن المقصود بالآل من ذريته صلى الله عليه وسلم هم أحفاده المباشرون ، وهما الحسن والحسين رضي الله عنهما . خلافا لإجماع العلماء في شمولهم بأحكام التكريم إلى قيام الساعة ، بدءا بتحريم الزكاة وانتهاء بالتكريم ، ومازال أئمة السنة كالإمام أحمد وغيره يعظمون آل البيت في زمنهم ، ولم يقل أحد منهم إن تلك الأحكام خاصة بالحسنين رضي الله عنهما .
كما أن ذلك التقييد للذرية والآل تقييد لا دليل عليه ، وهو مخالف لإطلاق النصوص ، ولذلك لم يقيده أحد من أهل العلم بذلك ؛ إلا أصحاب النصب الخفي !
وهؤلاء آل إبراهيم عليه السلام الذين ندعو أن يقبل الله منا دعاءنا بالصلاة والبركات لآل محمد وذريته (صلى الله عليهم وسلم) كما قبلها فيهم ، لم يكن المقصود بهم الأحفاد المباشرين لإبراهيم عليه السلام ، بل المقصود بهم ذريته الطيبة المباركة التي استمرت النبوة فيها لآلاف السنين بعد الخليل عليه السلام .
٣- عدم تقرير أي فعل يخصهم يدل على المحبة والتكريم اللذين يدعي أهل النصب الخفي أنهم يقرون بهما !
فصار هؤلاء النواصب المتخفّون بالنصب مرجئة في حب آل البيت ! إذ جعلوا محبتهم عملا قلبيا لا يظهر له أي أثر على الجوارح ! وعندهم حب آل البيت لا يزيد ولا ينقص !! ولا يتفاضل الناس فيه !!! ما دام أنه المعرفة فقط !!
٤- محاولة تضعيف الأحاديث الثابتة في فضلهم ، أو التشكيك في قوة بعضها عند العجز عن التضعيف .
- كحديث ( الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة ) ، وهو حديث صحيح صححه جماعة كبيرة من أهل العلم كالإمام أحمد ( وأنكر على من قالوا : ليس بصحيح ) ، والترمذي والنسائي (بإخراجه دون إعلال) وابن حبان والحاكم وشيخ الإسلام ابن تيمية . بل وصفه بالتواتر جماعة من أهل العلم كالسيوطي والزبيدي والكتاني في كتبهم عن الأحاديث المتواترة .
ثم يأتي شخص ويزعم تضعيفه ، وآخر ويزعم بجهلٍ أنه حسن !
- وكحديث عبدالله بن بريدة , عن أبيه بُرَيدَةَ بن الحصيب (رضي الله عنه) قال : خطَبَنَا رسول اللّهِ صلى الله عليه وسلم ، فَأَقبَلَ الحَسَنُ وَالحُسَيْنُ رضي الله عنهما ، عَلَيهِمَا قمِيصَانِ أَحمَرَانِ ، يَعثُرَانِ ويَقُومَانِ . فنَزَلَ ، فأَخَذَهُمَا ، فصَعِدَ بِهِما المِنْبَرَ ، ثمَّ قال : صدَقَ الله { ﺇِﻧَّﻤَﺎ ﺃَﻣْﻮَﺍﻟُﻜُﻢْ ﻭَﺃَﻭْﻻﺩُﻛُﻢْ ﻓِﺘْﻨَﺔٌ } ، رأيت هذين فلم أَصبِرْ , ثمَّ أخَذَ في الخُطْبَةِ .
وهو حديث صححه النسائي (بإخراجه دون إعلال) , وصححه أيضًا : ابن خزيمة ، وابن حبان ، والحاكم ، وقال الإمام النووي : على شرط مسلم ، وصححه الإمام الذهبي في ترجمة الحسين (رضي الله عنه) في تاريخ الإسلام ، وحسنه الترمذي (وتحسينه لا يعارض التصحيح ، كما بين ذلك ابن رجب في شرح العلل) ، وعده الإمام العراقي في المروي بأصح الأسانيد في كتابه (التقريب) !
ثم يأتي شخص ويضعفه بحجة عدم سمع عبدالله بن بريدة من أبيه ، وما علم أنه قد صرح بالسماع منه في أسانيد صحيحة ، وأن قرائن سماعه من أبيه في غاية القوة ، وأن الإمام أحمد الذي يعتمد عليه هذا الباحث في نفي السماع هو نفسه قد أثبت سماع عبدالله بن بريدة من أبيه في رواية أخرى عنه ، موافقا بذلك بقية الأئمة الذي أثبتوا السماع . لكن حب تضعيف فضائل آل البيت , لمغايظة الشيعة بذلك = توقع في هذه الصورة من صور النصب الخفي !
٥- الفرح بزلة الرجل من آل البيت والحزن من ارتفاع قدره .
٦- ذكر أبي لهب كلما ذُكر آل البيت ، وأنه مع كونه عم النبي صلى الله عليه وسلم فقد نزلت فيه سورة تذكره في أهل الجحيم ، وتسوية هذا الكافر بالمسلمين من آل البيت ، وتسوية عدم انتفاع الكافر من آل البيت بالشفاعة النبوية بالمسلم منهم ! وما في هذا من الجهل والبغي !!
7- وإنكار فضائلهم في الخفاء وإظهارها في العلن : حتى لا يُقال : ناصبي . وعلامة هؤلاء : أنه كلما أورد عليهم أحد شيئا من فضائل آل البيت وشيئا من كلام أئمة السنة في إكرامهم ومحبتهم ، تلا قول الله تعالى { إن أكرمكم عند الله أتقاكم} وذكّر بحديث النبي صلى الله عليه وسلم (( لا فضل لعربي على عجمي إلا بالتقوى)) , وأمثالهما ، دون أن يكلف نفسه أن يحاول فهم هذين النصين وأمثالهما مع نصوص فضائل آل البيت الثابتة , ولا أن يفسر معنى إجماع أهل السنة على إثبات فضلهم واستحقاقهم المحبة والتكريم مع علم أئمة السنة بهذين النصين (وقد بينت ذلك في مقالي : مشروعية التلقب بالشريف) . بل يضرب النصوص بعضها ببعض ، ويكذب بعضها ببعض ، ويخالف أئمة السنة الذين يزعم الانتساب إليهم ، بإنكاره فضائلهم .
8- المبالغة في ذكر فضائل خصوم آل البيت , والغلو في الثناء على بني أمية .
ومن ذلك فصل طويل من الأحاديث الموضوعات والواهيات في فضل معاوية رضي الله عنه , أورده ابن الجوزي في كتابيه الموضوعات والعلل الواهيات .
كحديث : ((جاء جبريل إلى النبي بورقة آس أخضر ، مكتوب عليها : لا إله إلا الله ، محمد رسول الله ، حب معاوية فرض على عبادي )) .
بل تجاوز الأمر معاوية رضي الله عنه إلى ابنه يزيد (الذي قال عنه الإمام أحمد : وهل يحب يزيد أحد يؤمن بالله واليوم الآخر) ، فصنفوا في فضائله ودافعوا عنه , حتى كأنه حاكم صالح وإمام عدل !!
وقد أشار إلى هذا النصب الخفي الإمام أحمد في قصة ذكرها عبدالله بن الإمام أحمد : أنه مَرَّ وهو صغير مع أبيه بجامع الرُّصافة في بغداد ، وعنده خدمٌ معهم طاسات ، يسقون الناس من طيّب الشراب وبارده ، وهم يقولون للناس: اشربوا على حُبّ معاوية بن أبي سفيان! فسأل عبدالله أباه: يا أبة ، من معاوية ؟ فقال الإمام أحمد: «هؤلاء قومٌ أبغضوا رجلاً لم يكن لهم إلى الطعن إليه سبيل، فأحبّوا أعداءه» !!
الشريف حاتم بن عارف العوني
0 comments:
Post a Comment