Pesanan Pengendali Blog kepada Semua Ahli Ilmu

Imam Ibnu Asakir, Imam al-Khatib dan Imam al-Hafiz al-Mizzi meriwayatkan sebuah hadis yang berbunyi:

"Apabila akhir umat ini melaknat (generasi) awalnya, maka hendaklah orang-orang yang mempunyai ilmu pada ketika itu menzahirkan ilmunya, sesungguhnya orang yang menyembunyikan ilmu pada waktu tersebut seumpama seseorang yang menyembunyikan apa yang telah diwahyukan kepada (Sayyidina) Muhmammad SAW!!!"

Maka apabila lahir golongan yang mencaci dan melaknat para ulama' aqidah ASWJ al-Asha'irah dan al-Maturidiyyah (Hanafi, Maliki, Shafie dan majoriti Hanbali) yang mengikut generasi Salafus Soleh, apakah yang telah kita lakukan???
Tuesday, May 26, 2020

المأثور في القراءة في القبور، وعلى المقبور

         الـمــقــــدمــــــــــــــة
الحمد لله الكريم الوهاب ، غافر الذنب شديد العذاب ، وعد المؤمنين بالجنة والثواب ، وتوعد الفاسقين بالنار والعذاب ، وكتب الموت على جميع العباد، وقال في محكم الكتاب : {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى} [الزمر ] ، فأَخذ الله أرواح عباده بِيَدِهِ الْقَاهِرَة، ناقلا إياهم من القصور إلى ظلمات الحافرة، وأذلّ بالموت رقاب الجبابرة ، وَكسر بصدمته ظُهُور الأكاسرة، وقطع به أعمال الدنيا عن الآخرة ، لكن جاد على خلقه من فضل نعمائه المتظاهرة ، وآلائه المتظافرة ، وجعل لهم فرصا بلحوق الأجر إلى الدار الآخرة ، كما ثبت ذلك في الأدلة المتكاثرة ، ومنها قوله تعالى: { إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ (12) }،
وفي صحيح مسلم (1017) من حديث جرير قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « ... من سن في الإسلام سنة حسنة، فله أجرها، وأجر من عمل بها بعده، من غير أن ينقص من أجورهم شيء "،
وخرج ابن ماجه في سننه (242) عن أبي هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن مما يلحق المؤمن من عمله وحسناته بعد موته علما علمه ونشره، وولدا صالحا تركه، ومصحفا ورثه، أو مسجدا بناه، أو بيتا لابن السبيل بناه، أو نهرا أجراه، أو صدقة أخرجها من ماله في صحته وحياته، يلحقه من بعد موته»
ثم إنّ هذه الأمور ترجع إلى الحديث الذي خرجه مسلم (1631) عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاثة: إلا من صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له ".
وفي الصحيحين من حديث ابن عباس قال: مر رسول الله صلى الله عليه وسلم على قبرين فقال: «أما إنهما لَيُعذَّبان وما يُعذبان في كبير، أما أحدهما فكان يمشي بالنميمة، وأما الآخر فكان لا يستتر من بوله»، قال فدعا بعسيب رطب فشقه باثنين ثم غرس على هذا واحدا وعلى هذا واحدا ثم قال: «لعله أن يخفف عنهما ما لم ييبسا»،
وقد ذكر العلماء - كما سيأتي – أنه كما خفف عن هذين بغرس الجريد الرطب ، فلكلام الله أولى وأنفع منه بكثير .
أهمية البحث وأسبابه: وانطلاقا من هذا المبدإ العظيم من جهة، ومن جهة أخرى هو العمل على إيجاد التوسط بين القُرّاء الاستغلاليين، وبين الغلاة التبديعيين، في مسألة القراءة على المقبورين، مع محاولة تبيين وجه الصواب فيها، وهل تلك القراءة مطلقة ولو بعد الدفن بزمن بعيد؟ أم أنها مقيدة منذ قبيل الموت إلى ما بعد الدفن بأمد يسير فقط ؟ 
كل هذا وغيره قد دفعني لأن أجمع بحثا مستقلا حول هذه المسألة، واللهَ أسأل أن يوفقني للحق والمسلمين .
منهجي في البحث وعملي فيه: تتبعت في هذا البحثِ المتواضعِ أدلةَ المانعين، لقراءة القرآن الكريم، مطلقا على الأموات والمقبورين، ثم تتبعت أدلة مشروعية القراءة على المقبورين قبيل وأثناء الدفن وشروط ذلك ومن قال به، ثم أدلة مشروعية القراءة على مطلق الأموات ولو بعد دفنهم بزمن بعيد. 
وأما عن عادتي في طريقة العزْو: فإنْ كان حديثا فإنّي أذكره معتمدا على الترقيم غالبا، وأما في باقي المصادر فإني أذْكر الجزء والصفحة في غضون الصفحة لا في الهامش.
كما أنني أذكْر درجة الحديث والحكم عليْه من خلال كلام المــحَدّثين أو تخريجهم، فإن لم أجد اجتهدت رأيي، فما كان من صحيح أو حسن كتبته بالتعريف هكذا " الدليل أو الحديث"، وما شككتُ فيه أو لم أجده، أو كان محتملا كتبته بصيغة الشك: " دليل أو الدليل "، وما كان من ضعيف كتبتهُ بصيغة التنكير: "دليل"، أو بالكلام في أحد رواته، أو بصيغة التمريض:" رُوي" ، وقد قَسّمته على النحو التالي : 
المبحث الأول : تأصيل المسألة ومجمل الأقوال فيها :
المطلب الأول : تعيين محل الوفاق والخلاف في زمن ومحل القراءة، ولحوق الثواب للميت: 
المطلب الثاني : تحرير الأقوال في القراءة على الأموات والمقبورين :
المطلب الثالث : تعيين شروط القراءة المشروعة :              
المطلب الرابع: نقول الإجماع على مشروعية القراءة وبيان مَحْمَلها :
المبحث الثاني : ذكر أدلة كل فريق:
المطلب الأول: أدلة المانعين للقراءة على الأموات مطلقا:
المطلب الثاني: أدلة القراءة منذ الموت إلى ما بعد الدفن بأمد يسير أيام الافتتان:
المطلب الثالث: أدلة القراءة من القياس:
المطلب الرابع: أدلة من أجاز مطلق القراءة على الميت ولو بعد أمد بعيد :
المطلب الخامس: ذكر الآثار في القراءة عن التابعين ومن بعدهم:
___________________________________________________
المبحث الأول: تأصيل المسألة ومجمل الأقوال فيها :
المطلب الأول: تعيين محل الوفاق والخلاف في زمن ومحل القراءة، ولحوق الثواب للميت: 
1. ذهب عامة أهل العلم إلى مشروعية القراءة على الميّت، ويمتد ذلك منذ احتضاره إلى موته فدفنه، بينما قالت الحنفية: لا يُقرأ على الميت قبل غسله لأنه عندهم نجس، فإذا غسلوه قرأوا عليه، والصواب القراءة لأن المؤمن لا ينجس بالموت.  
2.. وهكذا ذهب العامة إلى مشروعية القراءة على المقبور أثناء دفنه في قبره وعقيبه مباشرة، أو إلى أيام الافتتان فقط، وكرِه ذلك قلة منهم أحمد، ثم تراجعوا عن الكراهة، وحُمل قول الكارهين على محامل ستأتي. 
ثم اختلف الجماهير المجيزون في تعيين هذه المدة التي تعقب الوفاة، فقيل: تنتهي بمجرد ساعةِ دفْن الميت والدعاء له والقراءة عليه والانصراف عنه، وقيل تنتهي بعد موته ودفنه بثلاثة أيام، وقيل بل تنتهي بعد الموت بسبعة أيام، لأنها الأيام التي يُفتنون فيها، ولا أعلم أحدا قال بانتهاء ذلك إلى أربعين ليلة، إلا ما قيل من أنّ المنافق والفاسق يُفتنان طيلة هذه المدة والله أعلم. 
3. وأما القراءة بعْد الدفن بمدة أطولَ مما ذكرنا ففيها اختلاف حيث كرهها الأكثرون وقيل بجوازها، وقيل لا يُقرأ عن الميت حتى يوصي بالقراءة عنه.
4. وحمل آخرون محل الاتفاق على من عقَّبَ قراءته بدعاء وصول ثوابها، كما سيأتي عن الفراوي قوله: " ذكر صاحب المدخل أن من أراد حصول بركة قراءته وثوابها للميت بلا خلاف فليجعل ذلك دعاء فيقول: اللهم أوصل ثواب ما أقرؤُه لفلان أو ما قرأته، وحينئذ يحصل للميت ثواب القراءة وللقارئ ثواب الدعاء".
ومن ههنا يمكن استخراج مواطن الاتفاق والاختلاف، حيث اتفقوا على مشروعية القراءة منذ الاحتضار حتى الموت، ثم من بعد تغسيل الميت – كما عند بعض الحنفية - إلى دفنه، وكذلك ما بعد دفن الميت بساعة يتم فيها الدعاء له والقراءة عليه ثم الدعاء له بوصول الثواب ثم الانصراف عنه، واختلفوا فيما سوى ذلك.
ثم إن الجمهور على وصول ثواب هذه القراءة للميت، لكن إن شاء الله تعالى الرحمة له، وكان الميت أهلا لها، كما في الدعاء تماما، خاصة إن قرأ القارئ ثم دعا وقال :" اللهم أوصل مثل ثواب ما قرأته إلى فلان "، ونُسب للشافعي عدم وصول الثواب له، لكن الصحيح عنه هو تجويزه للقراءة كما سيأتي .
قال الملا علي القاري في مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح :" قال السيوطي: اختلف في وصول ثواب القرآن للميت فجمهور السلف والأئمة الثلاثة على الوصول، وخالف في ذلك إمامنا الشافعي مستدلا بقوله تعالى: {وأن ليس للإنسان إلا ما سعى} [النجم]، وأجاب الأولون عن الآية بأوجه ..."،
وسيأتي عن الشافعي النقل الصحيح والصريح في مشروعية القراءة على المقبور، فلئن صح أيضا ما نُسب له من عدم لحوق الأجر للميت، فهذا يعني أمران عند الشافعية:
أولاهما: أن القراءة إنما يستفيد منها القراء والمستمعون، وأن حديث الوفاة يستمع كذلك، فيلحقه أيضا أجر المستمعين تفضلا من الله تعالى إن شاء، لأنه قد تكاثر النقل أن حديثي الوفاة يستمعون لمن حولهم ويروْنهم .
والثاني: أن القارئ يقرأ ثم يدعو الله تعالى أن يوصل أجر القراءة للميت برحمته تعالى .
وفي هذين الأمرين قال الحافظ ابن حجر العسقلاني الشافعي في الأربعين المتباينة السماع (84) :" ومسألة المستمع بحثها بعض الشافعية بناء على قاعدتين أحدهما: عدم صحة إهداء الثواب، والأخرى أن الأرواح بأفنية القبور أو أنها في مستقرها ولها اتصال بالقبر وببدن الميت .. وعلى هذا فيستمع الميت القراءة، وإذا استمع حصل له ثواب مستمع، وهذا قد تورط قائله فيه لأن إدراكه وسماعه ليس كإدراك المكلفين لكن ذلك راجع إلى فضل الله تعالى فيجوز أن يتفضل على هذا الميت بذلك.
قال: وسلك بعض الشافعية في ثواب القراءة مسلكا آخر فقال: إن قصد القراءة عن الميت لم يصح وإن قرأ لنفسه ثم دعا الله أن يجعل ذلك الثواب للميت أمكن أن يصل إليه ويكون ذلك من جملة ما يدعو به له فأمره إلى الله تعالى إن شاء استجابه وإن شاء رده، وهذا لا ينافيه قول من قال منهم إن إهداء الثواب لا يصح لأن العبد لا تصرف له في العبادات بالهبات كما جعل له ذلك في المال لأن ذلك إنما هو حيث يقصد بالقراءة أن يكون ثوابها للميت أو يقول جعلت ثوابي للميت وهذا بخلاف ما ذكر من الدعاء إلا أن الذي جنح إلى مسألة الدعاء لا يتهيأ له الجزم بوصوله الثواب إلى الميت كما تقدم ".
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المطلب الثاني: تحرير الأقوال في القراءة على الأموات والمقبورين:
القول الأول: حيث فُهم عن بعض السلف كراهة القراءة عند القبر مطلقا، ولم يصح إطلاق النهي :
فأما بعض المالكية: فقد ورد في التاج والإكليل:" وكره ( وَقِرَاءَةٌ عِنْدَ مَوْتِهِ كَتَحْمِيرِ الدَّارِ ) سَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ : لَيْسَتْ الْقِرَاءَةُ وَالْبَخُورُ مِنْ الْعَمَلِ، -وأما- ابْنُ رُشْدٍ : اسْتَحَبَّ ذَلِكَ  "،
وقد صرحوا عن مالك بأن القراءة المكروهة هي ما كانت عند الموت في لحظات الاحتظار.
ومع ذلك فقد حمل عامة المالكية الكراهة على من فعل ذلك استنانا، وأما من فعلها جوازا فلا بأس بها،
وأما المتأخرون منهم فعلى مطلق الجواز، قبل وبعد الموت كما قال الدسوقي والدردير في الشرح الكبير (1/423) :" لكن المتأخرون على أنه لا بأس بقراءة القرآن والذكر وجعل ثوابه للميت ويحصل له الاجر إن شاء الله وهو مذهب الصالحين من أهل الكشف ".
وقال القرافي: والذي يظهر حصول بركة القرآن للأموات كحصولها بمجاورة الرجل الصالح، وبالجملة فلا ينبغي إهمال أمر الموتى من القراءة ولا من التهليل الذي يفعل عند الدفن ".
وفصل آخرون :" إنْ قَرَأَ ابْتِدَاءً بِنِيَّةِ الْمَيِّتِ وَصَلَ إلَيْهِ ثَوَابُهُ كَالصَّدَقَةِ وَالدُّعَاءِ وَإِنْ قَرَأَ ثُمَّ وَهَبَهُ لَهُ لَمْ يَصِلْ ".
بينما نقل آخرون اتفاق المالكية وغيرهم على حالة معينة في القراءة وهي :
ما ذكره النفراوي في شرح رسالة القيرواني قال :" وذكر صاحب المدخل أن من أراد حصول بركة قراءته وثوابها للميت بلا خلاف فليجعل ذلك دعاء فيقول: اللهم أوصل ثواب ما أقرؤه لفلان أو ما قرأته، وحينئذ يحصل للميت ثواب القراءة وللقارئ ثواب الدعاء ".
وقال الخرشي:" قَالَ فِي الْمَدْخَلِ : مَنْ أَرَادَ وُصُولَ ثَوَابِ الْقِرَاءَةِ بِلَا نِزَاعٍ فَلْيَجْعَلْ ذَلِكَ دُعَاءً بِأَنْ يَقُولَ : اللَّهُمَّ صِلْ ثَوَابَ ذَلِكَ اهـ  ".
وأما بعض الحنابلة: فقد قال محمد الحنبلي في تسلية أهل المصائب (185) : ".. وروي عنه – أحمد - الكراهة مطلقا اختارها الإمام عبد الوراق وأبو حفص العكبري، وسيأتي عن أحمد أنه تراجع عن ذلك وصار يقول بالمشروعية.
وقال ابن تيمية :" وقال ابن عقيل وابن المنجا تعليلا لرواية الكراهة بأنها مدفن النجاسة كالحش ونحوه، انتهى كلامهما، وذكر بعض أصحابنا عن الخلال أنه قال: المذهب رواية واحدة أن القراءة عند القبر لا تكره "، قال المصنف: لكن القراءة على القبر ليست من فعل النبي صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه والله أعلم"،
إلا أن كلامه محمول على كراهة القراءة على القبور في المقبرة، لا على المقبور حديثا، لأنه قد قال قبل ذلك مجيزا الأخيرة (184) :" باب في استحباب القراءة عند القبر وما ورد فيها، قال: تستحب القراءة عند القبر لأنه قد صح عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه أوصى إذا دفن أن يقرأ عنده بفاتحة البقرة وخاتمتها"،
وقال الشيخ ابن تيمية في المجموع (24/298) والفتاوى (3/25) " وأما القراءة على القبر فكرهها أبو حنيفة ومالك وأحمد في إحدى الروايتين، ولم يكن يكرهها في الأخرى، وإنما رخص فيها لأنه بلغه أن ابن عمر أوصى أن يقرأ عند قبره بفواتح البقرة وخواتيمها، وروى عن بعض الصحابة قراءة سورة البقرة"،
وكذلك كلام الشيخ فإنه محمول على القراءة على القبور القديمة في المقبرة مطلقا، لأنه قد نقل مشروعية القراءة أيضا على المقبور حديثا عن هؤلاء أنفسِهِم، وقال كما سيأتي: " فالقراءة عند الدفن مأثورة في الجملة، وأما بعد ذلك فلم ينقل فيه أثر والله أعلم"،
وستأتي أقوال أخرى تبين مراده، وقد مرت الدلائل وستأتي أخرى أن الإمام أحمد أنه رجع عن القول بالكراهة، إلى الجواز .
فكلام هؤلاء محصور في القراءة في المقبرة على القبور القديمة، وقد بينوا المراد منه بأنفسهم فحملوه على ما بعد الوفاة بأمد بعيد، واستحبوا القراءة على المقبور حديثا، ثم لم يبدع هؤلاء مطلق القراءة كما يفعل بعض المتأخرين، وفرق كبير أيضا بين الكراهة التي لا إثم فيها وبين التبديع المحرم .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
القول الثاني: مشروعية القراءة مطلقا عند زيارة المقابر والقبور ولو بعد الدفن بزمن بعيد: وهو مذهبٌ للحنفية والمالكية والشافعية وأكثر الحنبلية:
فأما الحنابلة: فقد صنف لهم الإمام الخلال، وعبد العزيز صاحب الخلال والإمام شمس الدين محمد بن إبراهيم المقدسي كتبا في مشروعية ذلك، وكتاب الخلال موسوم ب: كتاب القراءة عند القبور، وكتاب المقدسي:" جزء فيه وصول القراءة إلى الميت"،
وقال ابن تيمية في الاقتضاء:" .. لكن اختلفوا في القراءة عند القبور هل هي مكروهة أم لا تكره؟ والمسألة مشهورة وفيها ثلاث روايات عن أحمد إحداها أن ذلك لا بأس به وهي اختيار الخلال وصاحبه وأكثر المتأخرين من أصحابه، وقالوا: هي الرواية المتأخرة عن أحمد وقول جماعة من أصحاب أبي حنيفة واعتمدوا على ما نقل عن ابن عمر.."، - سيأتي حديثه -
. وقال الخلال في مصنفه القراءة عند القبور من الجامع : حدثنا أبو بكر المروزي سمعت أحمد بن حنبل يقول :" إذا دخلتم المقابر فاقرأوا بفاتحة الكتاب والمعوذتين وقل هو الله أحد واجعلوا [ثواب] ذلك لأهل المقابر فإنه يصل إليهمْ"،
وكذلك نقله الرحيبانى الحنبلي في مطالب أولي النهى فقال: ( وتستحب قراءة بمقبرة ) ثم ذكره .
وقال الخلال: أخبرني أبو يحيى الناقد سمعت الحسن بن الحر وهو يقول:« مررت على قبر أخت لي، فقرأت عندها تبارك لما يذكر فيها، فجاءني رجل فقال: إني رأيت أختك في المنام تقول: جزى الله أبا علي خيرا ، فقد انتفعت بما قرأ » وهذا نص مطلق أيضا.
وخرج ابن أبي يعلى في طبقات الحنابلة من ترجمة محمد بن أحمد المروروذي: عن الحسن بن مهران عن محمد بن أحمد المروروذي سمعت أحمد بن حنبل يقول :" إذا دخلتم المقابر فاقرؤوا آية الكرسي ثلاث مرات وقل هو الله أحد ثم قولوا: اللهم فضله لأهل المقابر ".
. قال: وروى أبو بكر في الشافي قال محمد بن أحمد المروروذي سمعت أحمد بن محمد بن حنبل يقول: إذا دخلتم المقابر فاقرؤا [بفاتحة الكتاب و ] آية الكرسي وثلاث مرات قل هو الله أحد [والمعوذتين] ثم قولوا اللهم إن فضله لأهل المقابر"، [واجعلوا ثواب ذلك لأهل المقابر فإنه يصل إليهم ] "،
وهذا نص صحيح مطلق عن الإمام أحمد ، وقد ورد بأنه آخر أقواله وأشهرها، وهو الاختيار لأكثر أصحابه .
. وقال إمام الحنابلة الخلال في كتابه" القراءة عند القبور" (89) من الجامع: أخبرني العباس بن محمد بن أحمد بن عبد العزيز ثنا جعفر بن الحسين النيسابوري عن سلمة بن شبيب قال:« أتيت أحمد بن حنبل فقلت له: إني رأيت عفان يقرأ عند قبر في المصحف، فقال لي أحمد بن حنبل: ختم له بخير»، وعفان هو بن مسلم الصفار من كبار أئمة الحديث وحفاظهم، وقد كان يقرأ على القبر واستحسن فعله الإمام أحمد . 
. ثم قال الخلال: ني الحسن بن الهيثم البزاز قال:« رأيت أحمد بن حنبل يصلي خلف رجل ضرير، يقرأ على القبور»، وهذا هو أشهر أقوال أحمد وأصحابه، أن القراءة في المقبرة، وعند القبر الحديث سواء :
فقال محمد الحنبلي في تسلية أهل المصائب (184):" باب في استحباب القراءة عند القبر وما ورد فيها، قال: تستحب القراءة عند القبر لأنه قد صح عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه أوصى إذا دفن أن يقرأ عنده بفاتحة البقرة وخاتمتها"، قال:" والمشهور عن الإمام أحمد أن القراءة في المقبرة وعند القبر لا تكره اختاره أبو بكر عبد العزيز والقاضي وجماعة من أصحابنا، وذكره بعض أصحابنا، وعليه عمل الناس في زمننا هذا،
قال في المستوعب: ولا تكره القراءة على القبر، وكان أحمد رحمه الله يكرهها ثم رجع رجوعا أبان به عن نفسه، وقال: يقرأ، بعد أن نهى عن ذلك، ومن أصحابنا من يتمسك بكراهته أولا ويجعل المسألة على روايتين ثم قال بعد ذلك: فإن أهدي إليه الثواب نفعه "، انتهى كلامه،
قال:" وهذا مذهب الحنفية لكن اختلف أصحابهم هل تستحب القراءة أم تباح ؟ وجهان لهم،
قال:" وروي عن الإمام أحمد أن القراءة لا تكره حال الدفن، دون غيره.."،
قلت: وكأنّ هذا هو القول – سيأتي – هو الذي فيه الجمع بين الأقوال المتعارضة للإمام أحمد كما قال الشيخ ابن تيمية والله أعلم .
وأما الحنفية: فقد قال الملا في درر الحكام:" وَيُسْتَحَبُّ قِرَاءَةُ يس، لِمَا وَرَدَ مَنْ دَخَلَ الْمَقَابِرَ فَقَرَأَ سُورَةَ يس خَفَّفَ اللَّهُ عَنْهُمْ يَوْمَئِذٍ وَكَانَ لَهُ بِعَدَدِ مَا فِيهَا حَسَنَاتٌ كَذَا فِي الْبَحْرِ ".
وقال ابن نجيم الحنفي في البحر الرائق :" ولا بأس بقراءة القرآن عند القبور وربما تكون أفضل من غيره ويجوز أن يخفف الله عن أهل القبور شيئا من عذاب القبر أو يقطعه عند دعاء القارئ وتلاوته وفيه ورد آثار ".
. وفي تذكرة الحفاظ للذهبي من ترجمة الخطيب: قال ابن خيرون: دُفن بباب حرب وتصدق بماله وهو مائتا دينار, وأوصى بأن يتصدق بثيابه, وكان بين يدي جنازته جماعة ينادون: هذا الذي كان يذب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الذي كان ينفي الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم, هذا الذي كان يحفظ حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم, وختم على قبره عدة ختمات ".
ونقل الذهبي في ترجمة ابن الخاضبة: الحافظ الإمام القدوة مفيد بغداد، توفى ابن الخاضبة في ثاني ربيع الأول سنة تسع وثمانين وأربع مائة وكانت جنازته مشهودة وختم على قبره ختمات".
وقال المناوي في فيض القدير (2/504): وحكى النووي في بستانه أن الفقيه محمدا النووي مات فقرأ له ختمة قرآن فرآه فقال له: أنت في الجنة قال اليوم لا ندخلها بل نتنعم في غيرها ".
وقال الرافعي والنووي في روضة الطالبين :" وسئل القاضي أبو الطيب عن قراءة القرآن في المقابر فقال الثواب للقارئ ويكون الميت كالحاضر ترجى له الرحمة والبركة فيستحب قراءة القرآن في المقابر ".
هذا وقد ألف الكثير من السلف العديد من الكتب في مشروعية القراءة على الأموات، ومنها:
. كتاب القراءة في القبور، للإمام الحنبلي الخلال، وكذلك صنف عبد العزيز صاحب الخلال والإمام شمس الدين محمد بن إبراهيم المقدسي كتبا في مشروعية ذلك منها:"جزء فيه وصول القراءة إلى الميت".
. ومن ذلك كتاب: هدية الأحياء للأموات وما يصل إليهم من النفع والثواب على ممر الأوقات، للإمام علي بن أحمد بن يوسف الهكاري 489 هـ
قال فيه:" باب الصدقة والدعاء وقراءة القرآن والصلاة يصل من المسلم ثوابه إلى الموتى في قبورهم وهدية الأحياء للأموات واصلة إليهم ونافعة لهم بالدلالة الواضحة والحجج النيرة من الكتاب والسنة المنيرة، والله الموفق للصواب"،  
ثم استدل في كتابه بأحاديث عموم التصدق على الأموات، لم أذكرها لأكتفي بما هو نص في المسألة فقط.
. ومن ذلك كتاب "الكلام على وصول القراءة للميت، للإمام محمد بن إبراهيم المقدسي 676 هـ
 . وكتاب نفحات النسمات في وصول إهداء الثواب للأموات للإمام أحمد بن إبراهيم بن عبد الغني السروجي 701 هـ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
القول الثالث: جواز القراءة عند زيارة القبور ولو بزمن بعيد وأن أفضل أيام القراءة هو يوم الجمعة:
خرج الهكاري في "هدية الأحياء للأموات وما يصل إليهم": عن سيار بن حاتم عن جعفر بن سليمان عن مالك بن دينار قال: دخلت المقبرة ليلة الجمعة، فإذا بنور مشرق فيها فقلت: لا إله إلا الله، ترى أن الله عز وجل قد غفر لأهل المقابر، فإذا أنا بهاتف يهتف من البعد وهو يقول: يا مالك بن دينار هذه هدية المؤمنين إلى إخوانهم من أهل المقابر، فقلت: بالذي أنطقكم، ألا أخبرتني ما هو؟ قال: رجل من المؤمنين قام هذه من الليل فأسبغ الوضوء وصلى ركعتين فقرأ فيها فاتحة الكتاب، و {قل يأيها الكافرون} و {قل هو الله أحد} ، وقال: اللهم إني قد وهبت ثوابها لأهل المقابر من المؤمنين، فأدخل الله علينا الضياء والنور والفسحة والسرور في المشرق والمغرب".
قال مالك: فلم أزل أقرأها في كل جمعة، فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام فيقول: ((يا مالك! غفر الله لك بعدد النور الذي أهديته إلى أمتي، ولك ثواب ذلك".
. وقال ابن الجزري في طبقات القراء والذهبي في معرفة القراء الكبار على الطبقات والأعصار من ترجمة أبي منصور الخياط:" قال السلفي: ذكر لي المؤتمن الساجي في ثاني جمعة من وفاة الشيخ أبي منصور اليوم، ختموا على قبره مائتين وإحدى وعشرين ختمة، يعني أنهم كانوا قد قرؤوا الختم قبل ذلك إلى سورة الإخلاص فختموا هناك ودعوا عقيب كل ختمة"،
وقال الخلال في كتابه القراءة عند القبور (ص 90): أخبرني الحسن بن الهيثم سمعت أبا بكر بن الأطروش ابن بنت أبي نصر التمار يقول :« كان رجل يجيء إلى قبر أمه يوم الجمعة، فيقرأ سورة يس ، فجاء في بعض أيامه فقرأ سورة يس، ثم قال: اللهم إن كنت قسمت لهذه السورة ثوابا فاجعلها في أهل هذه المقابر ، فلما كان في الجمعة التي تليها ، جاءت امرأة فقالت: أنت فلان بن فلانة ؟ قال : نعم ، قالت: إن بنتا لي ماتت ، فرأيتها في النوم جالسة على شفير قبرها، فقلت: ما أجلسك هاهنا؟ فقالت: إن فلان بن فلانة جاء إلى قبر أمه فقرأ سورة يس، وجعل ثوابها لأهل المقابر ، فأصابنا من روح ذلك ، أو غفر لنا أو نحو ذلك »
وقال عبد العزيز الكتاني:" ورد كتاب جماعة أن الحافظ أبا بكر مات في سابع ذي الحجة وكان أبو إسحاق الشيرازي ممن حمل جنازته، قال إسماعيل بن أبي سعد الصوفي: كان أبو بكر بن زهراء الصوفي برباطنا قد أعد لنفسه قبرا إلى جانب قبر بشر الحافي وكان يمضي إليه في كل أسبوع وينام فيه ويقرأ فيه القرآن كله، فلما مات الخطيب وكان أوصى أن يدفن..."،
وقال ابن أبي يعلى في طبقات الحنابلة من ترجمة : أبي جعفر عبد الخالق بن عيسى :" ولزم الناس قبره ليلاً ونهاراً مدة طويلة ويقرأون ختمات ويكثرون الدعاء، ولقد بلغني أنه ختم على قبره في مدة شهور ألوف ختمات ".
وذكر ابن جبير في الرحلة (262) عن دار الخانقة الوقفية:" وذلك أن الذي اشتراها وبناها وجعل لها الأوقاف الواسعة وأمر بأن يدفن فيها وأن يختم على قبره القرآن كل جمعة وعين من تلك الأوقاف لمن يحضر ذلك كل جمعة رطلا من الخبز الحواري"
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
القول الرابع: وقيد آخرون هذه القراءة فيما لو أوصى الميت بالقراءة عنه، لكن لم يصرحوا بالمنع إذا لم يوص:
قال ابن القيم في الروح (10) :" قد ذكر عَن جمَاعَة من السّلف أَنهم أوصوا أَن يقْرَأ عِنْد قُبُورهم وَقت الدّفن "،
وفي الورع للإمام أحمد قال أبو بكر بن عبد الخالق: سألت عبد الوهاب عن القراءة عند القبور؟ قال: لا يقرأ عند القبور، قلت: يا أبا الحسن: رجل أوصته أمه إذا ماتت أن يقرأ عند قبرها؟ قال: يقرأ ولا يرفع صوته"،
فلو كانت القراءة عند هؤلاء معصية، لما أباحوها لا في وصية ولا في غيرها.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
القول الخامس: استحباب القراءة بعد غسل الميت، وكراهتها قبل التغسيل: وهو قولٌ للحنفية لأن الميت عندهم نجس، فقد قال الزيلعي في تبيين الحقائق:" وفي شرح الدرر للبخاري أنه بعد موته يسجى بثوب ويقرأ عنده القرآن إلى أن يرفع ا هـ، قال: وما ذكره من قراءة القرآن عند الميت مبني على عدم تنجسه بالموت،
وما ذكره في المبسوط من كراهة قراءة القرآن عنده مبني على القول بنجاسته هذا"، ولذلك قال ابن عابدين في حاشيته:" لكن قال عقبه أصحابنا كرهوا القراءة بعد موته حتى يغسل"،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
القول السادس: مشروعية القراءة على الميت والمقبور حديثا: وذلك منذ احتضاره إلى موته فأثناء دفنه في قبره وعقيبه بأمد يسير، قالوا: وأما القراءة في المقبرة على القبور القديمة، أو عند زيارة المقابر فهي مكروهة:
وهو قول منسوبٌ للجمهور وفيه الجمع بين الأقوال المتعارضة لبعضهم كما أسلفنا.  
فأما الحنابلة: فقد قال ابن القيم في الروح (10) :" وقد ذكر عن جماعة من السلف أنهم أوصوا أن يقرأ عند قبورهم وقت الدفن، قال عبد الحق: يروى أن عبد الله بن عمر أمر أن يقرأ عند قبره سورة البقرة، وممن رأى ذلك المعلى بن عبد الرحمن، قال: وكان الامام أحمد ينكر ذلك أولا حيث لم يبلغه فيه أثر ثم رجع عن ذلك ".
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية أيضا في المجموع (24/298) والفتاوى (3/25) " وأما القراءة على القبر -القديم- فكرهها أبو حنيفة ومالك وأحمد في إحدى الروايتين، ولم يكن يكرهها في الأخرى، وإنما رخص فيها لأنه بلغه أن ابن عمر أوصى أن يقرأ عند قبره بفواتح البقرة وخواتيمها، وروى عن بعض الصحابة قراءة سورة البقرة"،
ثم قال عن القبور الحديثة:" فالقراءة عند الدفن مأثورة في الجملة، وأما بعد ذلك فلم ينقل فيه أثر والله أعلم"،
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية أيضا:" الكراهة نقلها الجماعة عن الإمام أحمد وهي قول جمهور السلف، وعليها قدماء أصحابه كالمروزي وغيره"،
وقد أبان الشيخ ابن تيمية عن مقصوده، ففصل بين حالة الموت والدفن الحديث فتشرع، وبين مطلق القراءة في المقابر فتكره وهو المراد.
وقال - ابن تيمية أيضا - في الاقتضاء (380) :" ... أن القراءة عند وقت الدفن لا بأس بها كما نقل ابن عمر رضي الله عنهما وعن بعض المهاجرين، وأما القراءة بعد ذلك مثل الذين ينتابون القبر للقراءة عنده فهذا مكروه، فإنه لم ينقل عن أحد من السلف مثل ذلك أصلا وهذه الرواية لعلها أقوى من غيرها لما فيها من التوفيق بين الدلائل..".
بل إنه نقل الإجماع على ذلك فقال - ابن تيمية - :" لكن إذا تصدق عن الميت على من يقرأ القرآن أو غيرهم ينفعه ذلك باتفاق المسلمين، وكذلك من قرأ القرآن محتسبا وأهداه إلى الميت نفعه ذلك والله أعلم"،
وقال محمد بن حبيب التمار: كنت مع أحمد بن حنبل في جنازة فأخذ بيدي وقمنا ناحية فلما فرغ الناس من دفنه جئنا إلى القبر فجلس ووضع يده على القبر وقال: اللهم إنك قلت في كتابك { فأما إن كان من المقربين....} فقرأ إلى آخر السورة، وقال: اللهم وإنا نشهد أن هذا فلان بن فلان ما كذب بك ولقد كان يؤمن بك وبرسولك، اللهم فاقبل شهادتنا له ودعا له ثم انصرف"، ...
ومر ما قاله في المستوعب:" وروي عن الإمام أحمد أن القراءة لا تكره حال الدفن، دون غيره.."،
قلت: وكأنّ هذا هو القول – سيأتي – هو الذي فيه الجمع بين الأقوال المتعارضة للإمام أحمد كما قال الشيخ ابن تيمية والله أعلم .
وقال إمام الحنابلة ابن قدامة في الشرح الكبير (2/426):" وقال بعضهم إذا قرئ القرآن عند الميت أو أهدي إليه ثوابه كان الثواب لقارئه ويكون الميت كأنه حاضرها فترجى له الرحمة"،
بل إنه نقل الإجماع على مشروعية ذلك .
وأما الشافعية : فقد قال الخلال في كتابه القراءة عند القبور (89): أخبرني روح بن الفرج قال: سمعت الحسن بن الصباح الزعفراني يقول: سألت الشافعي عن القراءة عند القبر فقال: لا بأس به»،
وهذا إسناد غاية في الصحة مع الوضوح عن الإمام الشافعي، وقيده أصحابه إلى ما بُعيد الدفن فقط كما هو ظاهر هذه الرواية :
قال البيهقي: قَالَ الشَّافِعِيُّ: «وَأُحِبُّ لَوْ قُرِئَ عَلَى الْقَبْرِ وَدُعِيَ لِلْمَيِّتِ»
وقَالَ الخطابِيّ في شرح حديث غرس الجريدة :" فِيهِ دَلِيل على اسْتِحْبَاب تِلَاوَة الْكتاب الْعَزِيز على الْقُبُور، لِأَنَّهُ إِذا كَانَ يُرْجَى عَن الْمَيِّت التَّخْفِيف بتسبيح الشّجر، فتلاوة الْقُرْآن الْعَظِيم أعظم رَجَاء وبركة ".
وقال في فقه العبادات على المذهب الشافعي:" يسن أن يقف جماعة بعد دفنه يدعون للميت ويستغفرون له ويقرؤون عنده شيئا من القرآن، وختمه أفضل، ويسألون الله له التثبيت لما روى عثمان رضي الله عنه قال:" كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من دفن الميت ووقف عليه قال:استغفروا لميتكم وسلوا له التثبيت فإنه الآن يسأل"،
وقال المناوي في فيض القدير (5/152): وقال النووي: قال الشافعي والأصحاب : يسن عقب دفنه أن يقرأ عنده من القرآن فإن ختموا القرآن كله فهو أحسن، قال: ويندب أن يقرأ على القبر بعد الدفن أول البقرة وخاتمتها"،
وقال النووي في المجموع شرح المهذب :" يستحب أن يمكث على القبر بعد الدفن ساعة يدعو للميت ويستغفر له نص عليه الشافعي واتفق عليه الأصحاب، قالوا: ويستحب أن يقرأ عنده شئ من القرآن وإن ختموا القرآن كان أفضل ".
وكذلك قال السيوطي:" وأما القراءة على القبر فجزم بمشروعيتها أصحابنا وغيرهم "،
وقال البكري الشافعي في حاشية إعانة الطالبين:" واعلم أنهم صرحوا في باب الحديث وغيره بأن قراءة القرآن جالسا أفضل، قال: وصرح به المصنف في التبيان، وقضيته أن من أراد القراءة عند القبر سن له الجلوس ".
وقال زين الدين في فتح المعين (3/259) والبكري في حاشيته والهيتمي في التحفة:" وقد نص الشافعي والأصحاب على ندب قراءة ما تيسر عند الميت والدعاء عقبها، لأنه حينئذ أرجى للإجابة، ولأن الميت يناله بركة القراءة كالحي الحاضر لا المستمع، قال ابن الصلاح: وينبغي الجزم بنفعه ".
وقال البيهقي: قَالَ الشَّافِعِيُّ: «وَأُحِبُّ لَوْ قُرِئَ عَلَى الْقَبْرِ وَدُعِيَ لِلْمَيِّتِ»، وهو محمول على المقبور حديثا، وقال الزعفراني: سألت الشافعي عن القراءة عند القبر فقال: لا بأس به»، وهو محمول على القراءة على المقبور حديثا:
وقد مضى ما قاله الحافظ ابن حجر العسقلاني الشافعي في الأربعين المتباينة السماع (84) بعد أن ذكر أن مذهب الحنابلة مشروعية القراءة، ثم قال:" ومسألة المستمع بحثها بعض الشافعية بناء على قاعدتين أحدهما: عدم صحة إهداء الثواب، والأخرى أن الأرواح بأفنية القبور أو أنها في مستقرها ولها اتصال بالقبر وببدن الميت .. وعلى هذا فيستمع الميت القراءة وإذا استمع حصل له ثواب مستمع، وهذا قد تورط قائله فيه لأن إدراكه وسماعه ليس كإدراك المكلفين لكن ذلك راجع إلى فضل الله تعالى فيجوز أن يتفضل على هذا الميت بذلك.
قال: وسلك بعض الشافعية في ثواب القراءة مسلكا آخر فقال إن قصد القراءة عن الميت لم يصح وإن قرأ لنفسه ثم دعا الله أن يجعل ذلك الثواب للميت أمكن أن يصل إليه ويكون ذلك من جملة ما يدعو به له فأمره إلى الله تعالى إن شاء استجابه وإن شاء رده ... "، وهذه نصوص مطلقة عن طوائف من الشافعية ، وجمهورهم على تقييد ذلك بحديثي الوفاة كما سيأتي .
وقال الذهبي في تذكرة الحفاظ من ترجمة الخطيب: وقال مكي الرميلي: مرض الخطيب ... ودفن بجنب بشر الحافي، قال ابن خيرون: دفن بباب حرب وتصدق بماله .. وكان بين يدي جنازته جماعة ينادون: هذا الذي كان يذب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الذي كان ينفي الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الذي كان يحفظ حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وختم على قبره عدة ختمات"،
. وقال السمهودي في خلاصة الوفا (2/215):" دفع أسد الدين للشيخ أبي القاسم الصوفي مالا صالحا فحمله إلى الحرمين ومعه جماعة يقرؤون بين يدي تابوته، فلما كان بالحلة اجتمع الناس للصلاة عليه ..".
وأما المالكية: فقد مر مذهبهم، وأن المتأخرين على الجواز، قال الإمام القرطبي في التذكرة (274) :" باب ما جاء في قراءة القرآن عند القبر حالة الدفن وبعده وأنه يصل إلى الميت ثواب ما يقرأ ويدعى ويستغفر له ويتصدق عليه، ذكره أبو حامد في كتاب الإحياء، وأبو محمد عبد الحق الإشبيلي في كتاب العافية له"، ثم قال القرطبي: وقد استدل بعض علمائنا على قراءة القرآن على القبر بحديث العسيب الرطب الذي شقه النبي صلى الله عليه وسلم باثنين ثم غرس على هذا واحداً وعلى هذا واحداً ثم قال : لعله أن يخفف عنهما ما لم ييبسا. خرجه البخاري ومسلم" .
وقال الدسوقي المالكي في آخر نوازل ابن رشد في السؤال عن قوله تعالى : { وأن ليس للإنسان إلا ما سعى }، قال : وإن قرأ الرجل وأهدى ثواب قراءته للميت جاز ذلك وحصل للميت أجره ".
وقال ابن هلال: الذي أفتى به ابن رشد وذهب إليه غير واحد من أئمتنا الأندلسيين أن الميت ينتفع بقراءة القرآن الكريم ويصل إليه نفعه ويحصل له أجره إذا وهب القارئ ثوابه له ، وبه جرى عمل المسلمين شرقا وغربا ، ووقفوا على ذلك أوقافا ، واستمر عليه الأمر منذ أزمنة سالفة ".
ومضى ما ذكره صاحب المدخل أنّ من أراد حصول بركة قراءته وثوابها للميت بلا خلاف، فليجعل ذلك دعاء فيقول: اللهم أوصل ثواب ما أقرؤه لفلان أو ما قرأته، وحينئذ يحصل للميت ثواب القراءة وللقارئ ثواب الدعاء".
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
القول السابع: وقيد آخرون القراءة إلى سبعة أيام لأن الموتى يفتنون في هذه الأيام: وهذا يشبه القول السابق، بل هو من جنسه والله أعلم:
قال ابن عساكر في تبيين كذب المفتري: سمعت الشيخ الفقيه أبا الفتح نصر الله بن محمد بن عبد القوي المصيصي يقول: توفي الفقيه أبو الفتح نصر بن إبراهيم في يوم الثلاثاء التاسع من المحرم سنة تسعين وأربعمائة بدمشق وخرجنا بجنازته بعد صلاة الظهر فلم يمكنا دفنه إلى قريب المغرب لأن الناس حالوا بيننا وبينه، وكان الخلق متوافرا، ذكر الدمشقيون أنهم لم يروا جنازة مثلها، وأقمنا على قبره سبع ليال نقرأ كل ليلة عشرين ختمة رحمه الله"،
واستدل هؤلاء بما رواه ابن جريج عن عبيد بن عمير :" أن المؤمن يفتن سبعا والمنافق أربعين صباحا"، وسنده صحيح ،
وروى عبد الرزاق في مصنفه عن ابن جريج قال: وأنا أقول: قد قيل في ذلك فما رأينا مثل إنسان أغفل هالكه سبعا أن يتصدق عنه"،
وَرواه الْحَارِث بن أبي الْحَرْث عَن عبيد بن عُمَيْر قَالَ: يفتن رجلَانِ: مُؤمن ومنافق فَأَما الْمُؤمن فيفتن سبعا، وَأما الْمُنَافِق فيقتن أَرْبَعِينَ صباحاً "، وعن مجاهد :" الأرواح على أفنية القبور سبعة أيام من يوم دفن الميت ".
وقال أحمد في الزهد حدثنا هاشم بن القاسم حدثنا الأشجعي عن سفيان قال قال طاوس:" إن الموتى يفتنون في قبورهم سبعاً فكانوا يستحبون أن يُطعمَ عنهم تلك الأيام"،
ومن طريقه خرجه أبو نعيم في الحلية (4/11)، وسنده صحيح كما بينت في مبحث " مشروعية الاجتماع والإطعام عند موتى أهل الإسلام "، وستأتي أدلة بقية الأقوال بعون الله تعالى .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
القول الثامن: كراهة القراءة عند القبر الحديثِ لمن اعتقد سنيتها، ومشروعيتها لمن فعلها على وجه التبرك والفضل: وهو قولٌ للمالكية كما مر، فقد جاء في الفواكه الدواني (2/665) :" قال ابن عرفة وغيره من العلماء: ومحل الكراهة عند مالك في تلك الحالة إذا فعلت على وجه السنية، وأما لو فعلت على وجه التبرك بها ورجاء حصول بركة القرآن للميت فلا، وأقول – ابن غنيم-: هذا هو الذي يقصده الناس بالقراءة فلا ينبغي كراهة ذلك في هذا الزمان وتصح الإجارة عليها،
وقال القرافي: والذي يظهر حصول بركة القرآن للأموات كحصولها بمجاورة الرجل الصالح، وبالجملة فلا ينبغي إهمال أمر الموتى من القراءة ولا من التهليل الذي يفعل عند الدفن "، فقيد ذلك بزمن الدفن. 
وقال الدردير:" إن فعلت القراءة استنانا، فحينئذ يكره لأنه ليس من عمل السلف"، ثم قال:" لكن المتأخرين على أنه لا بأس بقراءة القرآن والذكر وجعل ثوابه للميت، ويحصل له الأجر إن شاء الله"، قال:" وهو مذهب الصالحين من أهل الكشف "،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المطلب الثالث: تعيين شروط القراءة المشروعة: وهي التي تتوفر فيها الشروط التالية :
أولاها: أن تراعى فيها آداب التلاوة، وأن تكون لوجه الله تعالى، من غير استئجار عليها، فقد سئل ابن تيمية (المجموع 24/299)" عن الختمة التي تعمل على الميت والمقرئين بالأجرة، هل قراءتهم تصل إلى الميت وطعام الختمة يصل إلى الميت أم لا ؟ فأجاب: استئجار الناس ليقرأوا ويهدوه إلى الميت ليس بمشروع ولا استحبه أحد من العلماء، فإنّ القرآن الذي يصل: ما قُرِئَ لله، فإذا كان قد استؤجر للقراءة لله، والمستأجر لم يتصدق عن الميت بل استأجر من يقرأ عبادة لله عز وجل لم يصل إليه "،
قال:" لكن إذا تصدق عن الميت على من يقرأ القرآن أو غيرهم ينفعه ذلك باتفاق المسلمين، وكذلك من قرأ القرآن محتسبا وأهداه إلى الميت نفعه ذلك والله أعلم"، ومع ذلك فقد أجاز بعض السلف الاستئجار عليها .
والثاني: أن تكون من غير وضعٍ للمصاحف في القبور كما تُوضع في المساجد، للنهي عن اتخاذ القبور مساجد، وهذا عين ما ذكره ابن تيمية كما في الموضع السابق.
والشرط الثالث: أن لا يعتقد القارئ أن القراءة عند القبر أفضل، وأن الميت لا بد أن ينتفع بسماعها، وأما عند غير القبر فلا ينتفع بها أصلا، كما قال ابن تيمية في الفتاوى (4/247) والمجموع (31/42).
والشرط الرابع: أن لا يُعتقد بأن القراءة لا بد من أن تنفع الميت ويصل ثوابها له لزوما، لكن يُرجى له بها ولغيره من المستمعين لحوق الأجر للجميع، كالحال في الدعاء للميت، فإنه يُرجى له به الرحمة، ثم أمره موكول لربه، فرُب مُعْرِض عن ذكر ربه وكلامه لا تنفعه شفاعة شافع، ولا قراءة قارئ.  
والخامس: أن تكون القراءة منذ الموت إلى أيام الدفن والافتتان لا مطلقا عند القبر، فقد بينا أن هذه مسألة مختلف فيها بين السلف، حيث ذهب أكثرهم إلى تقييد القراءة بحديثي الوفاة، وأطلقها آخرون، كما بينا وسنبين الأدلة في المباحث التالية:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المطلب الرابع: نقول الإجماع على مشروعية أصل القراءة وبيان مَحْمَلها:
من خلال العرض السابق الذي جمعنا فيه بين الأقوال المتعارضة في هذه المسألة، تبين لنا تعيين مواطن الاتفاق والاختلاف بين السلف، وأن العامة قد اتفقوا على مشروعية القراءة منذ الاحتضار حتى الدفن، ثم إلى ما بُعيد الدفن بمدة يتم فيها دفن الميت والدعاء له والقراءة عليه ثم الانصراف عنه، والدعاء بوصول ثوابها له، مع توافر الشروط السابقة، واختلفوا فيما سوى ذلك، وعلى هذا الجمْع يُحمل مطلق أو تعارض أقوال من نقل الإجماع والخلاف في مشروعية القراءة على الأموات والله أعلم :    
فقد مضى ما قاله ابن تيمية في الاقتضاء (380) :" ... أن القراءة عند وقت الدفن لا بأس بها كما نقل ابن عمر رضي الله عنهما وعن بعض المهاجرين، وأما القراءة بعد ذلك مثل الذين ينتابون القبر للقراءة عنده فهذا مكروه، فإنه لم ينقل عن أحد من السلف مثل ذلك أصلا وهذه الرواية لعلها أقوى من غيرها لما فيها من التوفيق بين الدلائل..".
بل إنه نقل الإجماع على ذلك فقال - ابن تيمية - :" لكن إذا تصدق عن الميت على من يقرأ القرآن أو غيرهم ينفعه ذلك باتفاق المسلمين، وكذلك من قرأ القرآن محتسبا وأهداه إلى الميت نفعه ذلك والله أعلم ".
وقال الملا علي القاري في مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح :" قال السيوطي: واستدلوا على الوصول – وصول ثواب القراءة للميت - بالقياس على الدعاء والصدقة والصوم والحج والعتق، فإنه لا فرق في نقل الثواب بين أن يكون عن حج أو صدقة أو وقف أو دعاء أو قراءة "، ثم قال :" الأحاديث المذكورة وهي وإن كانت ضعيفة فمجموعها يدل على أن لذلك أصلا، وإن المسلمين ما زالوا في كل مصر وعصر يجتمعون ويقرؤون لموتاهم من غير نكير فكان ذلك إجماعا"،
ثم قال:" ذكر ذلك كله الحافظ شمس الدين ابن عبد الواحد المقدسي الحنبلي في جزء ألفه في المسألة".
وقال ابن قدامة الحنبلي في المغني (2/424):" وقال بعضهم: إذا قرئ القرآن عند الميت، أو أهدي إليه ثوابه، كان الثواب لقارئه، ويكون الميت كأنه حاضرها، فترجى له الرحمة. ولنا، ما ذكرناه وأنه إجماع المسلمين؛ فإنهم في كل عصر ومصر يجتمعون ويقرءون القرآن، ويهدون ثوابه إلى موتاهم من غير نكير، ولأن الحديث صح عن النبي صلى الله عليه وسلم : «إن الميت يعذب ببكاء أهله عليه» . والله أكرم من أن يوصل عقوبة المعصية إليه، ويحجب عنه المثوبة .. ".
وقال البهوتي الحنبلي في كشف القناع :" قال أحمد : الميت يصل إليه كل شيء من الخير ، للنصوص الواردة فيه ولأن المسلمين يجتمعون في كل مصر ويقرءون ويهدون لموتاهم من غير نكير فكان إجماعا ".
وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني من الشافعية في الأربعين المتباينة السماع (85):" وقد وردت عن السلف آثار قليلة في القراءة عند القبر ثم استمر عمل الناس عليه من عهد أئمة الأمصار إلى زماننا هذا".
وقال الدسوقي من المالكية في حاشيته:" قال ابن هلال في نوازله: الذي أفتى به ابن رشد، وذهب إليه غير واحد من أئمتنا الأندلسيين أن الميت ينتفع بقراءة القرآن، ويصل إليه نفعه إذا وهب القارئ ثوابه له، وقال: وبه جرى عمل المسلمين شرقا وغربا، ووقفوا على ذلك أوقافا واستمر عليه الأمر في أزمنة سالفة "،
ومرت نقول أخرى أثناء البحث.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المبحث الثاني : ذكر أدلة كل فريق :
المطلب الأول: أدلة المانعين للقراءة على الأموات مطلقا:
من أدب السلف احترامهم للآراء الأخرى، وعدم تبديعهم لها، ولذلك اكتفى بعض المالكية بنقل الكراهة، ثم تعقبوها وتأولوها بأدب كما مر، وهذا منهج السلف، أن لا يُبدعَ في المسائل الاختلافية، مع أن القراءة على الحديثِ الدفنِ هي مذهب جماهير السلف والخلف.  
وقد خالف السلفَ بعض من تأخر وبدع أصل القراءة على الأموات كيفما كانت، وردوا نقول الإجماعات السابقة، وردوا كلام جماهير السلف ولم يحترموا كلامهم، وزعموا كعادتهم في التبديع بأن ذلك حرام بدعة ضلالة، وكان من حجتهم في ذلك ما يلي :
1/ زعموا كعادتهم في تبديع كل ما لم يحيطوا بعلمه: أنه لم يثبت ولم يرِد ... لم يُعرف عن أحد من السلف فعل ذلك .. فهو إذًا محدث، وكل محدثة بدعة، وعليه فيجب هجر القارئ والتحذير منه والتشنيع عليه لأنه ضال مضل ...
وهذا كعادتهم في التشنيع والتحذير من كل مخالف لهم، ولو كانوا من جماهير السلف أو كلهم.
وَلَكَمْ بدعوا بهذا النفي والدعاوي الباطلةِ الكثيرَ والكثيرَ من السنن، وَلَيْتهم ائتسوا بالملائكة وقالوا فيما لم يعلموا: لا علم لنا، لا نعلم له دليلا، الله أعلم ...، بل إنّ منهجهم في تبديع كل ما لم يعرفوا هو مجرد النفي ، مخالفين لما هو متقرر عند أهل الأصول، من أنه كما الإثبات يحتاج إلى دليل ، فكذلك النفي يحتاج إلى تدليل، ألا تروْن مثلاً بأن اليهود لما نفَوا وقالوا :{ لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى}، أكذبهم الله في نفيهم وقال: { تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (111)} [البقرة].
. يؤيد ذلك أن السننَ كثيرة جدا، يستحيل على أحد أن يتقصاها جميعا، ولذلك وجب على كلِّ مسلم أن يتوقف فيما لا يعلم ، لا أن يُنكر ما لا يعلم ، والله المستعان .
2. ومن عجيب جهلهم استدلالهم بقوله تعالى :{ وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ (69) لِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيًّا وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِينَ (70) } [يس]
وفي قراءة :" لتُنذر "، قالوا : فالقرآن أنزل على الأحياء لا على الموتى"، وكذبوا على الله، وخالفوا السلف، وكذبوا في انتمائهم للسلف، لأن الآية أنزلت على النبي عليه السلام ليُنذر من كان حي القلب، لا ميته من الفساق والمشركين، لأن القرآن لا ينتفع به إلا أحياء القلوب، وقد شبه الله الكفارَ بالأموات في كثير من الآيات.
قال الطبري: يقول: إن محمد إلا ذكر لكم لينذر منكم أيها الناس من كان حي القلب، يعقل ما يقال له، ويفهم ما يُبين له، غير ميت الفؤاد بليد"، ثم قال:" وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل".
وقال البغوي في تفسيره: لينذر مَنْ كانَ حَيًّا، يعني مؤمنا حي القلب لأن الكافر كالميت في أنه لا يتدبر ولا يتفكر "،
وقال الزجاج:" (مَنْ كَانَ حَيًّا) أي من كان يعقل ما يخاطب به، فإن الكافِرَ كالميِّت في أنه لم يتدبَّرْ". وهو قول جميع المسلمين، فأين محل التبديعيين.
والقرآن الكريم شامل ينفع الأحياء والأموات، ويؤثر حتى في الجماد لو تُلي عليه كما قال تعالى : {لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ} [الحشر].
3/ كما استدلوا بما خرجه مسلم (780) عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :" لا تجعلوا بيوتكم مقابر، إن الشيطان ينفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة
كذا ذكر لما ذكر القراءة بلفظ" مقابر "، ولما ذكر الصلاة ورد بلفظ" قبورا" حيث قال عليه السلام: "اجعلوا في بيوتكم من صلاتكم ولا تتخذوها قبورا "،
قال من بدّع : فشبّه البيتَ الأول الذي لا يُقرأ فيه القرآن بالمقبرة، فهي التي ليست بمكان للقراءة، ويجاب عنه من أوجه:
أولاها: أن النهي للتنزيه لا للتحريم اتفاقا، لأن ترك الصلاة والقراءة في البيت ليست حراما إجماعا، فكذلك تكون القراءة في المقبرة ليست حراما ولا بدعة أصلا.
والثاني: أنه لا يُعرف عن أحد من السلف القول بهذا الفهم الجديد، وما كان هذا شأنه فحريّ أن لا يُلتفت إليه.
والثالث: أن الحديث حجة للجمهور عليهم، لأن الحديثَ الأول لما ذكر القراءة جاء بلفظ " المقابر"، ولما ذكر الصلاة جاء بلفظ "القبور"، ليدل على أن هناك فرق بين القراءة عند القبر والدفن فلا تُكره بل تُشرع، وبين القراءة الاعتيادية في المقابر بعد دفن الأموات بأمد فتُكره كما هو مذهب جمهور السلف والخلف.
والرابع: أن الفهم الذي فهمه السلف من هذا الحديث هو أن الأموات - وهم ساكنوا القبور - هم الذين لا يقرأون القرآن في قبورهم ، فشبه المسلم الذي لا يتعبد في بيته ومسكنه بالميت الذي لا يتعبد في قبره ، فكأن هذا الحي نائم عن العبادة، كما أن الميت نائم وميت عنها كما ورد في الحديث: " النوم أخو الموت "، وفي آخر :" مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكر ربه كمثل الحي والميت ".
وعليه فيكون المعنى : لا تجعلوا بيوتكم أوطانا للنوم لا تصلون فيها، كحال الموتى الذين لا يصلون ولا يقرأون ولا يذكرون في قبورهم بسبب موتهم، والنوم أخو الموت،
فقال الإمام ابن الأثير في الغريب (4/6) :" أي لا تَجعلوها لكم كالقُبور فلا تُصَلُّوا فيها، لأنّ العبد إذا مات وصار في قَبْره لم يُصَلّ، ويَشْهَد له قوله:" اجْعَلوا من صلاتِكم في بيوتِكم ولا تَتَّخِذوها قُبورا "، قال: وقيل  معناه: لا تَجعلوها كالمَقابر التي لا تجوز الصلاة فيها والأوّل أوْجَه"،
وقال ابن بطال: شبه البيت الذي لا يُصلى فيه بالقبر الذي لا يُتَعَبد فيه، والنائم بالميت الذي انقطع منه فعل الخير"،
وقال العيني:" والمراد من الحديث أن لا تكونوا في بيوتكم كالأموات في القبور حيث انقطعت عنهم الأعمال وارتفعت عنهم التكاليف"،
وقال التوربشتي:" ويحتمل أن يكون المراد أن من لم يصل في بيته جعل نفسه كالميت وبيته كالقبر"،
وقال الشيخ ابن تيمية (المجموع 23/131) (الفتاوى 3/73) وسئل عن معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم :" لا تجعلوا بيوتكم قبورا"، فأجاب :" وأما لفظ الحديث:" اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم" وإذا لم تذكروا الله فيها كنتم كالميت وكانت كالقبور؛ فإن في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:" مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكر ربه كمثل الحي والميت" وفي لفظ:" مثل البيت الذي يذكر الله فيه والذي لا يذكر الله فيه مثل الحي والميت"، وهذا منه تفسير للسنة بالسنة .
كما حمله ابن تيمية أيضا كما سيأتي على من جعل المقابر كالمساجد في الهيئة والأعمال والتعبدات، كوضع المصاحف فيها، وكثرة القراءة والذكر فيها كما يُفعل في المساجد .
وقيل: المراد منه النهي عن دفن الموتى في البيوت فقط - حاشا الأنبياء فيدفنون أين ما توا- قاله الكرماني .
هذا هو فهم السلف حقا إن كانوا لفهمهم حقا يتبعون، ولا أعلم أحدا من السلف فهم من هذا الحديث أن فيه التبديع والنهي عن أصل القراءة في القبور ، فبطل هذا الفهم المحدث والله المستعان .
كيف وقد أكد هذا الأصل العام على مشروعية القراءة في كل مكان، عدة أحاديث أخرى خاصة في القراءة عند القبر، مع كلام وفهم السلف كما بينا وسنبين في المباحث التالية :  
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المطلب الثاني: أدلة القراءة منذ الموت إلى ما بعد الدفن بأمد يسير أيام الافتتان: (وهو قول الجماهير):
تكاثرت الأدلة على أن حديث الوفاة يعرِف من حوله من الأحياء ويراهم ويسمعهم، ويسمع خفق نعالهم إذا انصرفوا ويستأنس بهم وبدعائهم، وكذلك بقراءتهم، لأنه لا يزال ساقُ موته وأخراه، مُلتفةٌ بساق حياته ودنياه، ثم بعد ذلك إذا انصرفوا عنه انقطع عنهم، وانشغل بمسألة القبر وفتنته طيلة أيام الافتتان كما ذكرتُ في كتابَيَّ :"الإصباح في فتنة القبر ومستقر الأرواح"، وكتاب "البينات في تلاقي الأرواح وتزاور الأموات".  
ولذلك استحب عامة السلف القراءة في هذه الفترة، وقد استدلوا بعدة أدلة عامتها أحاديث صحيحة أو مقاربة:  
الدليل الأول: في قراءة يس على الأموات وشرح السلف لهذا الحديث:
قال أحمد (5/26) ثنا عارم ثنا معتمر عن أبيه عن رجل عن أبيه عن معقل بن يسار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: البقرة سنام القرآن وذروته نزل مع كل آية منها ثمانون ملكا واستخرجت {الله لا إله الا هو الحي القيوم } من تحت العرش فوصلت بها أو فوصلت بسورة البقرة، ويس قلب القرآن لا يقرؤها رجل يريد الله تبارك وتعالى والدار الآخرة إلا غفر له واقرءوها على موتاكم 
الرجل المبهم هو أبو عثمان، وقد اختلف عليه في ذكر أبيه، وقيل عنه وعن أبيه بأنهما مجهولان معا:
فقد رواه إبراهيم بن عبد الله عن أبي عمر الضرير عن المعتمر فلم يذكر عن أبيه، خرجه عنه البيهقي في الشعب (2/478)، وكذلك رواه ابن المبارك أيضا واختلف عنه في ذكر الأب أيضا:
فقال أحمد في مسنده (5/26): ثنا عارم نا عبد الله بن المبارك نا سليمان التيمي عن أبي عثمان وليس بالنهدي عن أبيه عن معقل بن يسار قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اقرءوها على موتاكم يعني يس"،
قال: ثنا علي بن إسحاق ثنا عبد الله وعتاب ثنا عبد الله بن المبارك أنا سليمان التيمي عن أبي عثمان وليس بالنهدي عن أبيه عن معقل بن يسار قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" اقرءوها على موتاكم، قال علي بن إسحاق في حديثه يعني يس"،
تابعهم محمد بن العلاء ومحمد بن مكي (د) والطالقاني (بي) وعبدان، سبعتهم عن ابن المبارك عن سليمان بذكر أبيه ،
وخالفهم أربعة منهم أحفظهم يحيى القطان فلم يذكروا والد أبي عثمان، كذلك هي رواية عبد الله بن عثمان (بغ) والحكم بن موسى والوليد أراه بن مسلم عن ابن المبارك عند النسائي (10913)،
وقد صححه ابن حبان والحاكم (1/753) وقال:" أوقفه يحيى بن سعيد وغيره عن سليمان التيمي والقول فيه قول ابن المبارك إذ الزيادة من الثقة مقبولة"، على أن يحيى القطان لم يوقفه بل رفعه أيضا :
فقال ابن حبان في صحيحه (3002): أخبرنا عمران بن موسى بن مجاشع السختياني ثنا أبو بكر بن خلاد الباهلي ثنا يحيى القطان ثنا سليمان التيمي ثنا أبو عثمان عن معقل بن يسار قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اقرؤوا على موتاكم يس"، ثم قال ابن حبان: أراد به من حضرته المنية لا أن الميت يقرأ عليه"،
وفي قوله هذا نظر، لأن الأصل في الكلام حمله على الحقيقة والظاهر لا على المجاز،
وبهذه الحقيقة بوب أبو داود، فقال: باب القراءة عند الميت 3121 حدثنا محمد بن العلاء ومحمد بن مكي المروزي المعنى قالا ثنا ابن المبارك عن سليمان التيمي عن أبي عثمان وليس بالنهدي عن أبيه عن معقل بن يسار قال النبي صلى الله عليه وسلم: " اقرءوا يس على موتاكم ".
وكذلك حمله على الحقيقة الإمام الشوكاني فقال في النيل:" واللفظ نص في الأموات، وتناوله للحي المحتضر مجاز، فلا يصار إليه إلا لقرينة "،
وقال ابن حجر في التلخيص (2/245):" تنبيه: قال ابن حبان في صحيحه عقب حديث معقل قوله:" اقرءوا على موتاكم يس"، أراد به من حضرته المنية لا أن الميت يقرأ عليه، قال: وكذلك لقنوا موتاكم لا إله إلا الله"، ورده المحب الطبري في الأحكام، وغيره في القراءة، وسُلم له في التلقين"،
وقال الحسين في البدر التمام (4/131) :" ورده المحب الطبري في الأحكام وغيره، وقال: إن قراءة يس تنفع المحتضر والميت ..".
وقال محمد الحنبلي في تسلية أهل المصائب (179) عن حديث معقل هذا:" وفيه دليل على وصول القراءة إلى الميت فإنه صلى الله عليه وسلم أمرنا أن نقرأها على موتانا، وأمره في هذا المكان أمر إرشاد لا يجوز أن يعرى عن فائدة، ولا فائدة للعبد بعد موته أعظم من الثواب فإنا نعلم يقينا أن الميت من أحوج الناس إلى ما يقربه من رحمة الله و يباعده من عذاب الله، وقد امتنع عليه ذلك بعد موته بفعل نفسه، فما بقي يحصل له ذلك إلا بفعل غيره، والحصول هو الثواب المترتب على القراءة والله أعلم، قال: فإن قيل: قد فسر جماعة من العلماء أن المراد بقراءة يس عند الاحتضار للمسلم الذي سيموت، وقد ذهب إلى هذا جماعة من العلماء حتى الشيخ مجد الدين ابن تيمية الحراني بوب عليه في كتابه المنتقى، قيل: هذا خلاف الحقيقة فإنه إذا حمل على من سيموت يكون حمل اللفظ على مجازه ومعلوم أن حمل اللفظ على حقيقته أولى من حمله على مجازه، فإن سلم أنه أريد به المحتضر فهو حجة على المخالف المانع من وصول ثواب القراءة إلى الميت، فإن قول المخالف في أن الحي لا ينتفع بعمل الغير أشد من قوله في الميت"،
وقال العيني الحنفي في عمدة القاري (8/186): وأما مصلحة الميت فمثلُ ما إذا اجتمعوا عنده لقراءة القرآن والذكر، فإن الميت ينتفع به، وروى أبو داود من حديث معقل بن يسار قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" اقرأوا يس على موتاكم"،  وأخرجه النسائي وابن ماجه أيضا، قال العيني: فالحديث يدل على أن الميت ينتفع بقراءة القرآن عنده، وهو حجة على من قال إن الميت لا ينتفع بقراءة القرآن"،
وقال عبد الحق الإشبيلي المالكي في العاقبة في ذكر الموت (184) :" يحتمل أن تكون هذه القراءة عند موته ويحتمل أن تكون عند قبره، ويروى عن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما أنه أمر أن يقرأ عند قبره سورة البقرة، وقد روى إباحة القراءة عند القبر العلاء بن عبد الرحمن، ويروى أيضا أن أحمد بن حنبل رجع إلى هذا بعدما كان ينكره"، هذا عن فقه متنه عند السلف .
وأما عن إسناده فالحديث رواه جماعة عن أبي عثمان عن أبيه، ولم تذكر جماعة أخرى عن أبيه، فيكون محفوظا من الوجهين، لكنه مُضعف من قبل جهالة أبي عثمان، إذ لم يوثقه غير ابن حبان، وصحح له هذا الحديث هو والحاكم، وأبو عثمان هذا إسمه سعد كما قال أبو حاتم من ترجمة :" أنس بن جندل: روى عنه أبو عثمان سعد وليس بالنهدي، وذكر البخاري في ترجمة أنس أن داود روى عن أبي عثمان، وذكر المزي وابن حجر والذهبي قالوا: قيل أن اسمه سعد، وقد روى عنه اثنان سليمان التيمي وداود، إضافة إلى تلميذه المازني وقد وثقه أيضا وهو أعلم الناس به والله أعلم :
فقال ابن أبي الدنيا في الاعتبار (ص 41) حدثنا عبد الله قال: كان أيوب ولي عبد الله من بعده، قد رشحه للخلافة، فأصابه الطاعون، فلما نزل به الموت دخل عليه سليمان فحدثني محمد بن المغيرة المازني قال: حدثني سعيد أبو عثمان ثقة من أهل العلم قال: لما احتضر أيوب بن سليمان بن عبد الملك .."، والكل في طبقة صغار التابعين، وعليه فالحديث حسن، وهو صحيح لغيره لما له من شواهد:
دليل ثاني: قال ابن حجر في المطالب العالية (5/212): قال ابن أبي عمر حدثنا عبد المجيد بن أبي رواد عن مروان بن سالم عن صفوان بن عمرو عن شريح بن عبيد عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما من ميت يموت ويقرأ عنده يس إلا هون الله تعالى عليه"،
ومن طريقه خرجه أبو نعيم في تاريخه (1/230) من ترجمة إبراهيم بن بندار، وقال ابن حجر في التلخيص (2/245) وأسنده صاحب الفردوس من طريق مروان بن سالم عن صفوان بن عمرو عن شريح عن أبي الدرداء وأبي ذر قالا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"ما من ميت يموت فيقرأ عنده يس إلا هون الله عليه".
ورواه أبو زرعة عن عصمة بن الفضل عن ابن أبي رواد عن مروان به ثم قال:" حديث منكر اضرب عليه "،
وهو معلول بمروان فقد اتفقوا على جرحه، لكن اختلفوا هل هو من قبيل المتروك؟ أم يكتب حديثه في الشواهد؟ فقيل بتركه، قاله أحمد والدارقطني والنسائي وابن حبان والبغوي، بل اتهمه أبو عروبة والساجي، وأما غيرهم فقال: هو ضعيف، وهذا يعني أنه يعتبر به، فقال البوصيري عن حديثه هذا: رواه الحارث بسند ضعيف لضعف مروان بن سالم الجزري، وكذلك ضعفه أبو زرعة والبيهقي، وقال البزار:" لين وقد حدث عنه غير واحد"،
وأما عن لفظ البخاري ومسلم عنه: منكر الحديث، فقد ذكر البقاعي وغيره عن مثل هذا اللفظ فقال:" لأنَّ البخاريَّ إنَّما نَفَى أنْ يُحتجَّ به، وذلكَ لا ينفي أنْ يُستَشْهَدَ به ويُعتبرَ بحديثِهِ "،
ومما يؤيد الاستشهاد به ما قاله أبو حاتم عنه: منكر الحديث، ضعيف الحديث جدا، ليس له حديث قائم ، قلت – ابنه- : يترك حديثه؟ قال: لا، بل يكتب حديثه "،
فإذ قد اختلفوا في تركه ولم يُجمعوا عليه، وليس هو بكذّاب، فهو إذا ممن يعتبر به والقاعدة في ذلك ما قاله أحمد بن صالح: لا يُتركُ حديثُ رَجُلٍ حتى يجتمعَ الجميعُ على تَركِ حديثهِ، قد يُقالُ: فلانٌ ضعيفٌ، فأمّا أنْ يُقالَ: فلانٌ متروكٌ، فلا، إلا أنْ يُجْمِعَ الجميعُ على تركِ حديثهِ"،
ولحديثه شواهد أخرى:
حديث ثالث: قال ابن حجر بعد أن ذكر حديث أبي الدرداء وأبي ذر السابق ثم قال: وفي الباب عن أبي ذر وحده أخرجه أبو الشيخ في فضائل القرآن". والله أعلم به وبإسناده .
دليل رابع: قال البيهقي في شعبه 2239 (2467) أخبرنا أبو الحسين بن بشران أخبرنا إسماعيل بن محمد الصفار ثنا سعدان بن نصر ثنا معمر عن الخليل بن مرة عن أيوب السختياني عن أبي قلابة قال:" من حفظ عشر آيات من الكهف عصم من فتنة الدجال، .. ومن قرأ يس غفر له، ... ومن قرأها عند ميت هون عليه، .. ولكل شيء قلب، وقلب القرآن يس"،
هذا حديث مرسل له حكم الرفع، فقد قال البيهقي:" هذا نقل إلينا بهذا الإسناد من قول أبي قلابة وكان من كبار التابعين، ولا يقوله إن صح ذلك عنه إلا بلاغا "،
لكن فيه الخليل بن مرة قال البخاري وابن حبان: منكر الحديث، بينما قال أبو زرعة شيخ صالح، وقال أبو حاتم: ليس بقوى في الحديث، هو شيخ صالح"، وقال ابن عدي: لم أر له حديثاً منكراً وهو في جملة من يكتب حديثه وليس هو بمتروك"، ووثقه ابن شاهين، وقال: قال أحمد بن صالح: ما رأيت أحدا يتكلم فيه، ورأيت أحاديثه عن قتادة ويحيى بن أبي كثير صحاصا وإنما استغنى عنه البصريون، لأنه كان خاملا ولم أر أحدا تركه وهو ثقة"، فذكر سبب الجرح فيه ثم نفاه عنه فهو إذا مقبول الحديث، وحديثه هذا من قبيل المرسل حكما . 
الدليل الخامس: وفيه القراءة على المحتضرين: كما قال ابن قدامة في المغني(2/335): روى سعيد حدثنا فرج بن فضالة  عن أسد بن وداعة قال: لما حضر غضيف بن حارث الموت، حضره إخوانه فقال: هل فيكم من يقرأ سورة يس؟ قال رجل من القوم: نعم، قال: اقرأ ورتل وأنصتوا، فقرأ ورتل وأسمع القوم، فلما بلغ { فسبحان الذي بيده ملكوت كل شيء وإليه ترجعون} خرجت نفسه"، قال أسد: فمن حضر منكم الميت فشدد عليه الموت، فليقرأ عنده سورة (يس) فإنه يخفف عنه الموت"، ومن طريقه خرجه ابن عساكر، وفرج هذا حديثه صالح عن الحمصيين، وأسد حمصي صدوق، وعليه فالحديث حسن، وهو صريح في استحباب القراءة على المحتضرين، وقد ورد من طريق أخرى أعم منها فيها القراءة عند المحتضر وعند الميت أيضا رجاء التخفيف عنه:   
الدليل السادس: في التخفيف عن الميت عند قراءة يس:
قال أحمد (4/105) ثنا أبو المغيرة ثنا صفوان حدثني المشيخة: أنهم حضروا غضيف بن الحارث الثمالي حين اشتد سوقه فقال: هل منكم أحد يقرأ يس؟ قال: فقرأها صالح بن شريح السكوني فلما بلغ أربعين منها قبض، قال: فكان المشيخة يقولون:" إذا قرئت عند الميت خفف عنه بها، قال صفوان: وقرأها عيسى بن المعتمر عند بن معبد".
أمَرَ غضيف رضي الله عنه بقراءة يس عليه وهو يحتضر، ولم ينه عنها بعد الموت، وعدّى المشيخة من الصحابة تلك القراءة على كل ميت حديث العهد، لبركة القرآن، ولأن العبرة بعموم الألفاظ لا بخصوص الأسباب:
الدليل السابع: وفيه القراءة أثناء الدفن: قال ابن أبي حاتم في تفسيره للآية التالية: حدثنا الحسن بن عرفة حدثنا مروان بن شجاع الجزري عن سالم الأفطس عن سعيد بن جبير قال: مات ابن عباس بالطائف [فشهدت جنازته] فجاء طير لم ير على خلقته فدخل نعشه ثم لم ير خارجا منه فلما دفن تليت هذه الآية على شفير القبر لا يدري من تلاها { يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي"، وكذلك رواه الناس عن مروان به، وقال الهيثمي: رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح"، وله متابعة أخرى:
خرجها ابن عساكر عن علاء بن برد بن سنان عن علي بن عربة عن ميمون بن مهران عن ابن عباس قال: مررت بالنبي صلى الله عليه وسلم وقد انصرف من صلاة الظهر، وعلي ثياب بياض وهو يناجي دحية الكلبي فيما ظننت، وكان جبريل عليه السلام ولا أدري، فقال جبريل للنبي صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله هذا ابن عباس، أما إنه لو سلم علينا رددنا عليه أما إنه شديد وضح الثياب، وليلبسن ذريته من بعده السواد، فلما عرج جبريل وانصرف النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما منعك أن تسلم إذ مررت آنفا؟ قال: قلت: يا رسول الله مررت بك وأنت تناجي دحية الكلبي فكرهت أن أقطع نجواكما بردكما علي السلام، قال: لقد أوتيت النظر ذلك جبريل وليس أحد رآه غيري إلا ذهب بصره، وبصرك ذاهب وهو مردود عليك يوم وفاتك، قال: فلما مات ابن عباس وأدرج في أكفانه انقض طائر أبيض فأتى بين أكفانه وطلب فلم يوجد، فقال عكرمة مولى ابن عباس: أحمقى أنتم هذا بصره الذي وعده رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرد عليه يوم وفاته، فلما أتوا به القبر ووضع في لحده تلقي بكلمة سمعها من كان على شفير القبر" يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي ".
الدليل الثامن: وفيه القراءة منذ الموت، إلى طيلة أيام الدفن والافتتان:
1. خرجه أبو الحسن المبارك في الطيوريات (489) من طريق عبد الله بن محمد حدثنا محمد بن حسّان السَّمْتيّ حدثنا إسماعيل بن مجالد ثنا مجالد عن الشعبي قال :" إنَّ سُنّةً كانَتْ في الأَنْصَار؛ إذا ماتَ المُسْلِمُ لا يُدفَنُ حَتَّى يُقرَأَ عندَ رأسِه سُورةَ يس"، وهو صريح في القراءة على الميت بعد موته،
وقد ورد من طريق أخرى فيها القراءة عند القبر أيضا:
2. خرجه الإمام أبو القاسم اللالكائي في شرح اعتقاد أهل السنة والجماعة (6/1227) قال:" سياق ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في استحباب الصدقة، وقراءة القرآن، والاستغفار، والترحم، والدعاء للميت، وأنه ينفعه ذلك ويخفف عنه"، أنا علي بن عمر أنا إسماعيل نا عباس بن محمد قال: سفيان بن وكيع بن الجراح عن حفص بن غياث عن مجالد عن الشعبي قال: «كانت الأنصار تستحب أن يقرأ عند الميت بسورة من القرآن»،
فانظر كيف أدخلوه حتى في كتب الاعتقاد التي يتغنى باتباعها كذِبا التبديعيون.
. قال أبو بكر أحمد بن محمد الخَلَّال في كتابه " القراءة عند القبور (89) أخبرني أبو يحيى الناقد ثنا سفيان بن وكيع ثنا حفص عن مجالد عن الشعبي قال:« كانت الأنصار إذا مات لهم الميت اختلفوا إلى قبره يقرءون عنده القرآن »،
استدل به الإمامان اللالكائي والخلال على مشروعية القراءة على الميت وعند قبره، وهو حديث حسن صريح في ذلك، وكذلك بوب عليه النووي في التبيان فقال:" [ فصل ] فيما يقرأ عند الميت، فذكره،
3. وأما أبو بكر فبوب عليه عند الاحتضار، وخرجه بالاختصار: فقال - أبو بكر - في المصنف (2/445) (4/74) حدثنا حفص بن غياث عن مجالد عن الشعبي قال:" كانت الأنصار يقرؤون عند الميت بسورة البقرة"،
والحاصل أن هذا الخبر رجاله ثقات إلا مجالد بن سعيد فمختلف فيه، والأكثرون على ثوثيقه، فتركه الدارقطني وحده، بينما ضعفه جماعة واعتبروا به في الشواهد، كأحمد وابن سعد وابن حبان والسعدي وابن الجارود، وهي رواية عن يحيى القطان وابن معين والنسائي والبخاري،
وأما روايات هؤلاء الأخرى فهي التوثيق، وقد حسن له جماعة كما قال الدارامي: قلت ليحيى بن معين: مجالد كيف حديثه؟ قال: صالح كأبيه، وقال: (1277) وسمعت يحيى يقول: مجالد بن سعيد ثقة، ووثقه ابن شاهين في ثقاته وقال: مجالد بن سعيد ثقة قاله يحيى، وكذلك وثقه النسائي، وقال العجلي: جائز الحديث، وقال يعقوب بن سفيان: تكلم الناس فيه وهو صدوق، وقال الفسوي أيضا: هو ثقة، وقال الساجي: قال محمد بن المثنى يحتمل حديثه لصدقه، ونقل مغلطاي في الإكمال عن الساجي قال: صدوق، وقال: وحسن أبو علي الطوسي حديثه لما خرجه، وقال البخاري في التاريخ الصغير: مجالد صدوق، وعن البرقي قال: كان يحيى بن سعيد يوثقه، وقال الهيثمي (7/ 180) : فيه مجالد بن سعيد، وهو ثقة وفيه كلام"،
فإذ قد اختلفوا في الرجل وجب أن ننظر في الدليل والترجيح، فلما فعلنا وجدنا أن الأكثرين على توثيقه، وأما من جرحه فإنما بسبب اختلاطه أخيرا، فقد نقل ابن أبي حاتم عن ابن مهدي قال: حديث مجالد عند الأحداث يحيى بن سعيد وأبي أسامة ليس بشيء، ولكن حديث شعبة وحماد بن زيد وهشيم هؤلاء القدماء، قال أبو محمد: يعني أنه تغير حفظه في آخر عمره"،
وقال الهيثمي:" قد اختلط ولكن يحيى القطان لا يروى عنه ما حدث به في اختلاطه"،
والراوي عنه هنا حفص وهو من طبقة القدماء من أصحابه لأنه عُمّر أكثر من ثمانين سنة، ومات سنة 194، ومع ذلك فقد تابعه ابن مجالد وهو صدوق، كما هو من أعلم الناس بأبيه ،
ومما يؤكد صحة الحديث: كون مجالد من أعلم الناس بحديث الشعبي، فقد نقل مغلطاي قال: وقال أبو عبيدة معمر بن المثنى في كتابه «المثالب»: كان مجالد أحفظ الخلق لعلم الشعبي، وقال ابن عدي: ومجالد له عن الشعبي عن جابر أحاديث صالحة وعن غير جابر من الصحابة أحاديث صالحة وجملة ما يرويه عن الشعبي.. ثم قال:" وعامة ما يرويه غير محفوظ "، كأنه في غير الشعبي، ولذلك قال الهيثمي :" ومجالد بن سعيد عن الشعبي، قال ابن عدي: هذه الطريق أحاديثها صالحة"، ومع ذلك فلها شواهد أخرى :
الدليل التاسع: وبه استدل أئمة الحديث على مشروعية القراءة عند القبر والدفن فتأمل، ولا تخالف أئمة السلف فتجهل.
قال ابن حجر في الأربعين المتباينة (85) :" وَقد وَردت عَن السّلف آثَار قَليلَة فِي الْقِرَاءَة عِنْد الْقَبْر ثمَّ اسْتمرّ عمل النَّاس عَلَيْهِ من عهد أَئِمَّة الْأَمْصَار إِلَى زَمَاننَا هَذَا "،
 ثم استدل بهذا الحديث التالي الذي استدل به أئمة السلف كابن معين ومَن قبله:
1- خرجه عباس الدوري في تاريخه (2/379) (5413) قال: سألت يحيى بن معين عن القراءة عند القبر؟ فقال: حدثنا مبشر بن إسماعيل الحلبي عن عبد الرحمن بن العلاء بن اللجلاج عن أبيه أنه قال لبنيه :" إذا أُدخلت القبر فضعوني في اللحد وقولوا بسم الله وعلى سنة رسول الله وسنوا علي التراب سنا، واقرؤوا عند رأسي أول البقرة وخاتمتها فإني رأيت ابن عمر يستحب ذاك"،
هذا حديث حسن صحيح، كل رجاله ثقات صدوقون، وهذا الجواب من ابن معين يتضمن تصحيحه لهذا الحديث وتوثيق كل رواته لأنه احتج به، وأجاب السائل بروايته لهذا الحديث مستدلا به، وكذلك استدل به أئمة الحديث واحتجوا به على استحباب القراءة عند المدفون:
ومن طريق عباس الدوري خرجه الإمام أبو بكر أحمد بن محمد الخلال في كتابه القراءة عند القبور من الجامع (ر1) أخبرنا العباس الدوري حدثنا يحيى بن معين حدثنا مبشر الحلبي حدثني عبد الرحمن بن العلاء بن اللجلاج عن أبيه قال: إني إذا أنا مت، فضعني في اللحد، وقل : بسم الله وعلى سنة رسول الله، وسن علي التراب سنا، واقرأ عند رأسي بفاتحة الكتاب وأول البقرة وخاتمتها، فإني سمعت عبد الله بن عمر يقول ذلك" قال الدوري: سألت أحمد بن حنبل قلت: تحفظ في القراءة على القبور شيئا؟ فقال: لا، وسألت يحيى بن معين؟ فحدثني بهذا الحديث"،
وخرجه عنه البيهقي في الاعتقاد وحسّنه (ر638) ، وفي الكبرى (4/56) ، باب ما ورد في قراءة القرآن عند القبر، عن الدوري به بلفظ:" واقرؤا عند رأسي أول البقرة وخاتمتها فاني رأيت ابن عمر يستحب ذلك"، ثم قال البيهقي :" هذا موقوف حسن "، لكن له حكم الرفع ، لأنه قال :" يستحب ذلك ".
2. وخرجه ابن عساكر (47/230) عن أحمد بن عبد الملك بن محمد نا علي بن نصر عن القراءة عند القبر؟ فقال: حدثنا مبشر بن إسماعيل الحلبي عن عبد الرحمن بن العلاء بن اللجلاج عن أبيه أنه قال لبنيه :" إذا أدخلتموني قبري فضعوني في اللحد، وقولوا: بسم الله وعلى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسنوا علي التراب سنا واقرءوا عند رأسي أول البقرة وخاتمتها فإني رأيت ابن عمر يستحب ذلك"،
وهو صريح في أن له حكم الرفع وذلك في قوله " يستحب ذلك "، بل قد ورد رفعه نصا:
3. فقال الطبراني في الكبير (19/220) 491 حدثنا أبو أسامة عبد الله بن محمد بن أبي أسامة الحلبي ثنا أبي (ح) وحدثنا إبراهيم بن دحيم الدمشقي ثنا أبي ح وحدثنا الحسين بن إسحاق التستري ثنا علي بن بحر قالوا: ثنا مبشر بن إسماعيل حدثني عبد الرحمن بن العلاء بن اللجلاج عن أبيه قال قال لي أبي: يا بني إذا أنامت فألحدني فإذا وضعتني في لحدي فقل: بسم الله وعلى ملة رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم سن على الثرى سنا ثم اقرأ عند رأسي بفاتحة البقرة وخاتمهتا فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ذلك".
4. ورواه عبد الله بن محمد بن ناجية ومحمد السراج ثنا أبو هَمَّام السكوني حدثنا مُبَشِّر به بلفظ:" فإنِّي سَمِعتُ ابنَ عُمَر يَقُولُ ذلِكَ"،
وفي قول العباس الدوري السابق: سألت أحمد بن حنبل قلت: تحفظ في القراءة على القبور شيئا؟ فقال: لا، وسألت يحيى بن معين؟ فحدثني بهذا الحديث"،
ثم إن الإمام أحمد أُعلِم بهذا الحديث أخيرا، ورواه واستدل به على القراءة مصححا إياه، تواتر ذلك عنه : 
5. فقال الخلال في جزء القراءة على القبور: وأخبرني الحسن بن أحمد الوراق حدثني علي بن موسى الحداد وكان صدوقا وكان ابن حماد المقرئ يرشد إليه فأخبرني قال: كنت مع أحمد بن حنبل، ومحمد بن قدامة الجوهري في جنازة، فلما دفن الميت جلس رجل ضرير يقرأ عند القبر، فقال له أحمد: يا هذا إن القراءة عند القبر بدعة، فلما خرجنا من المقابر قال محمد بن قدامة لأحمد بن حنبل: يا أبا عبد الله، ما تقول في مبشر الحلبي؟ قال: ثقة ، قال: كتبت عنه شيئا ؟ قال : نعم، قال: فأخبرني مبشر عن عبد الرحمن بن العلاء بن اللجلاج عن أبيه أنه أوصى إذا دفن أن يقرأ عند رأسه بفاتحة البقرة وخاتمتها، وقال: سمعت ابن عمر يوصي بذلك، فقال له أحمد: فارجع، فقل للرجل يقرأ "،
أين هم أمثال هذا الإمام الجهبذ الذي لا يجد في نفسه حرجا من الرجوع إلى الحق إذا تبين له الصواب والله المستعان على المنتسبين زورا إلى مذاهب السلف وهم منهم براء.  
وقال محمد بن أحمد المروزى سمعت أحمد بن حنبل يقول:" إذا دخلتم المقابر فاقرءوا بفاتحة الكتاب والمعوذتين وقل هو الله أحد واجعلوا ثواب ذلك لأهل المقابر فإنه يصل إليهم ".
قصة تراجع الإمام أحمد صحيحة متواترة: فإن الحسن بن أحمد صالح الحديث، فقد ذكر أبو يعلى في الطبقات من ترجمة موسى بن عيسى الجصاص قال:" كانت عنده مسائل كثيرة عن أبي عبد الله فحدثني بشيء صالح منها: الحسن بن أحمد الوراق"، ومع ذلك فقد توبع: 
6. فقال الخلال: وأخبرنا أبو بكر بن صدقة سمعت عثمان بن أحمد بن إبراهيم الموصلي قال: كان أبو عبد الله أحمد بن حنبل في جنازة ومعه محمد بن قدامة الجوهري قال: فلما قبر الميت، جعل إنسان يقرأ عنده، فقال أبو عبد الله لرجل: تمر إلى ذلك الرجل الذي يقرأ ، فقل له : لا يفعل، فلما مضى ، قال له محمد بن قدامة : مبشر الحلبي ، كيف هو ؟ فذكر القصة بعينها ".
7. ورواها عثمان بن أحمد الموصلي عن الإمام أحمد : كما قال ابن أبي يعلى في طبقات الحنابلة من ترجمته : صحب إمامنا وروى عنه أشياء: منها ما نقلته من المجموع لأبي حفص البرمكي قال: كان أبو عبد الله أحمد بن حنبل في جنازة فلما انتهى إلى القبر رأى رجلا يقرأ على قبر فقال: أقيموه وقائم إلى جنبه محمد بن قدامة الجوهري فقال: له يا أبا عبد الله كيف مبشر بن إسماعيل عندك فقال: ثقة فقال: فإنه حدثنا عن عبد الرحمن بن العلاء بن اللجلاج قال: قال لي إني إذا أنا مت فوضعتني في لحدي فسو قبري واقعد عند قبري واقرأ فاتحة سورة البقرة وخاتمتها فإني رأيت عمر يفعل ذلك فقال: أبو عبد الله ابعثوا إلى ذلك فردوه ".
8. وقال ابن أبي يعلى في طبقات الحنابلة في ترجمة عثمان بن أحمد الموصلي صحب إمامنا وروى عنه أشياء:
منها ما نقلته من المجموع لأبي حفص البرمكي قال: كان أبو عبد الله أحمد بن حنبل في جنازة فلما انتهى إلى القبر رأى رجلا يقرأ على قبر فقال: أقيموه وقائم إلى جنبه محمد بن قدامة الجوهري ...".
9. ورواها جماعة عن الإمام أحمد: فقد قال ابن قدامة في المغني :" فصل: قال: ولا بأس بالقراءة عند القبر، وقد روي عن أحمد أنه قال: إذا دخلتم المقابر اقرءوا آية الكرسي وثلاث مرات قل هو الله أحد، ثم قل: اللهم إن فضله لأهل المقابر. وروي عنه أنه قال: القراءة عند القبر بدعة، وروي ذلك عن هشيم، قال أبو بكر: نقل ذلك عن أحمد جماعة، ثم رجع رجوعا أبان به عن نفسه "،
ثم قال:" فروى جماعة أن أحمد نهى ضريرا أن يقرأ عند القبر، وقال له: إن القراءة عند القبر بدعة. فقال له محمد بن قدامة الجوهري: يا أبا عبد الله: ما تقول في مبشر الحلبي؟ قال: ثقة، قال: فأخبرني مبشر عن أبيه أنه أوصى إذا دفن يقرأ عنده بفاتحة البقرة وخاتمتها، وقال: سمعت ابن عمر يوصي بذلك. قال أحمد بن حنبل: فارجع فقل للرجل يقرأ. وقال الخلال: حدثني أبو علي الحسن بن الهيثم البزار، شيخنا الثقة المأمون، قال: رأيت أحمد بن حنبل يصلي خلف ضرير يقرأ على القبور ".
وأما أصل الحديث فهو حديث حسن صحيح، كما قال البيهقي، وقال الهيثمي (3/44) :" رواه الطبراني في الكبير ورجال موثقون"،
ولينه بعضهم لأن فيه عبد الرحمن بن العلاء: وقد روى عنه ليث ومبشر وعطاء بن السائب وقيس، قيل عنه مجهول الحال، وقال ابن حجر: مقبول، لكن وثقه كل من ابن حبان والهيثمي والصالحي والهروي، بل إن ابن حبان لم يكتف بذكره في الثقات، بل صرح بذلك حيث ذكره في "مشاهير علماء الأمصار "، وقال :" من خيار التابعين "، وقال علي بن سلطان الهروي كما في جمع الوسائل في شرح الشمائل (2/208): ثقة، وكذلك وثقه الصالحي فقال في سبيل الهدى والرشاد 8/379 :" رجاله ثقات، ووثقه الهيثمي، ووثقه ضمنيا ابن معين والإمام أحمد وعلي بن نصر والبيهقي وغيرهم فإنهم صححوا له واحتجوا بحديثه وحسنه البيهقي وصححه البهوتي في الروض المربع.
وأما أبوه فوثقه من مضى، وقال ابن مكرم والعجلي وابن حجر: تابعي ثقة، وقال الذهبي: وثق، وقال الهيثمي عن حديث المعلى عن عبد الرحمن بن العلاء بن اللجلاج عن اللجلاج: ما ملأت بطني طعاما منذ أسلمت .."، قال: رواه الطبراني وفيه المعلى بن الوليد ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات"، ولحديثه شواهد أخرى:
دليل أو الدليل العاشر: قال الخلال: (ر2) وأخبرني العباس بن محمد بن أحمد بن عبد الكريم حدثني أبو شعيب عبد الله بن الحسين بن أحمد بن شعيب الحراني من كتابه قال: حدثني يحيى بن عبد الله بن الضحاك البابلتي حدثنا أيوب بن نهيك الحلبي الزهري مولى آل سعد بن أبي وقاص قال: سمعت عطاء بن أبي رباح المكي قال: سمعت ابن عمر قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول:« إذا مات أحدكم فلا تجلسوا، وأسرعوا به إلى قبره ، وليقرأ عند رأسه بفاتحة البقرة ، وعند رجليه بخاتمتها في قبره»،
خرجه البيهقي في الشعب (7/16) ر9294، والطبراني (12/444) عن الحراني به. وقد قال الهيثمي 3/ 44: وفيه يحيى بن عبد الله البابلتي، وهو ضعيف، وقد قال عنه مغلطاي: منهم من يحسن القول فيه، ومنهم من يضعفه"، وكذلك اختلفوا في أيوب بن نهيك، فوثقه ابن قطلوبغا وابن حبان وقال: يخطئ، يعتبر بحديثه..، وقال أبو زرعة منكر الحديث، وقال الأزدي: متروك ، وليس بمتروك للاختلاف في توثيقه، وهو ممن يعتبر به ويحسن بغيره، وقد مضت شواهده ولا تزال:  
دليل أو الدليل الحادي عشر: وفيه قراءة الفاتحة على الأموات، وقد يُحْمل على صلاة الجنازة، لكن اللفظ عام على الأموات أيضا:
1. قال ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (6/94) حدثنا عقبة بن مكرم ثنا محمد بن موسى ثنا عبد المنعم عن الصلت عن أبي يزيد المدني عن امرأة منهم يقال لها بنت عفيف قالت: أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم نبايعه فأخذ علينا ألّا نحدث الرجال إلا محرما، وأمرنا أن نقرأ على موتانا بفاتحة الكتاب
أبو يزيد قال عنه مالك:" لا أعرفه"، لكن قال ابن معين والذهبي:" أبو يزيد المدني ثقة"، وقد ورد عن غيره أيضا إن كان محفوظا،
2. فقال أبو نعيم في الصحابة من ترجمة أم عفيف: حدثنا سليمان بن أحمد ثنا علي بن عبد العزيز ح، وحدثنا سليمان بن أحمد ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ثنا محمد بن أبي بكر المقدمي قالا: ثنا عبد المنعم أبو شعيب البصري ثنا الصلت بن دينار عن أبي عثمان النهدي عن امرأة منهم يقال لها: أم عفيف، قالت:" بايعنا النبي صلى الله عليه وسلم حين بايع النساء، فأخذ عليهن أن لا يحدثن الرجال إلا محرما، وأمرنا أن نقرأ على ميتنا بفاتحة الكتاب"،
علة هذا الحديث عبد المنعم وشيخه الصلت، فأما الصلت فهو ابن دينار تركه أحمد ويحيى والنسائي وأبو أحمد، لكن ضعفه ابن المديني وأبو داود، فهو إذا ممن يعتبر به كما قال أبو حاتم: لين الحديث، إلى الضعف ما هو، مضطرب الحديث يكتب حديثه"، وقال البزار وأبو زرعة: بصري لين". وقال السعدي: ليس بقوي، وأما عبد المنعم بن نعيم فتركه ابن حبان والنسائي، بينما قال أبو حاتم والبخاري: منكر الحديث، وأما الساجي فضعفه، وأما أبو أحمد الحاكم فقال: ليس بالقوي، فهو إذا ممن يعتبر به، خاصة وأن الإمام أحمد بن حنبل قال عنه: صالح، وعدّله الحاكم واحتج به، فإنه لما خرج له في المستدرك (1/204) عن علي بن حماد ثنا عبد المنعم بن نعيم الرياحي ثنا عمرو بن فائد ثنا يحيى بن مسلم  حديث :" ... «إذا أذنت فترسل في أذانك، وإذا أقمت فاحدر"، ثم قال: هذا حديث ليس في إسناده مطعون فيه غير عمرو بن فائد، والباقون شيوخ البصرة وهذه سنة غريبة لا أعرف لها إسنادا غير هذا، ولم يخرجاه »، وقد مرت شواهد الحديث وبالله التوفيق .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المطلب الثالث: أدلة القراءة من القياس:
كما استدل السلف على مشروعية القراءة بقياسين :
أولاهما: القياس على وصول الأجر بالدعاء والصدقة والصوم:
كما أسلفنا النقل عن الملا علي القاري أنه قال في المرقاة:" قال السيوطي: واستدلوا على الوصول – وصول ثواب القراءة للميت - بالقياس على الدعاء والصدقة والصوم والحج والعتق، فإنه لا فرق في نقل الثواب بين أن يكون عن حج أو صدقة أو وقف أو دعاء أو قراءة "،
وقال ابن تيمية:" لكن إذا تصدق عن الميت على من يقرأ القرآن أو غيرهم ينفعه ذلك باتفاق المسلمين، وكذلك من قرأ القرآن محتسبا وأهداه إلى الميت نفعه ذلك والله أعلم"،
وقال الإمام موفق الدّين بن عثمان (615 ه) في مرشد الزّوّار إلى قبور الأبرار بعد أن ذكر أدلة القراءة:" .. فلو لم تكن الصلاة والدعاء يصلان إليهم، وكذلك الاستغفار، لم يخبر الله عنهم بذلك، فكذلك الصدقة وقراءة القرآن والدعاء، ينفعهم ويصل إليهم ... والأدلة أكثر من أن تحصى ".
وقد استدل الكثير من السلف بأحاديث عموم التصدق عن الأموات، وأسقطوها على القراءة عنهم أيضا.
وأما القياس الثاني: فقد استدل السلف بحديث التخفيف بغرس الجريدة الرطبة على قبر الحديث الوفاة، وأنه إذا خفف عن الميت بالدعاء والجريد عند قبره، فلكلام الله أولى وأحب من ذلك كله بالاتفاق.
فقال العيني الحنفي في عمدة القاري (3/118):" قال الخطابي: فيه دليل على استحباب تلاوة الكتاب العزيز على القبور لأنه إذا كان يرجى عن الميت التخفيف بتسبيح الشجر فتلاوة القرآن العظيم أعظم رجاء وبركة"،
وقال محمد المنجبي في تسلية أهل المصائب (181) قال الخطابي :" هذا عند أهل العلم محمول على أن الأشياء ما دامت على أصل خلقتها أو خضرتها وطراوتها فإنها تسبح الله عز وجل حتى تجف رطوبتها أو تحول خضرتها أو تقطع من أصلها فإذا خفف عن الميت بوضعه صلى الله عليه وسلم الجريدة على قبره لكونها تسبح الله، فبطريق الأولى والأحرى أن تخفف القُرَب على اختلاف أسبابها، وإن أعظم القُرب كلام رب العالمين الذي نزل به الروح الأمين على قلب أشرف المرسلين".
وقال القاضي عياض من المالكية في إكمال المعلم (2/65) :" استدل بعض العلماء من هذا على استحباب تلاوة القرآن على القبور ، ولأنه إذا كان يُرجى التخفيف عن الميت بتسبيح الشجر فتلاوة القران أعظم رجاءً ونفعًا ".
وقال القرطبي المالكي في التذكرة (276):" وقد استدل بعض علمائنا على قراءة القرآن على القبر بحديث العسيب الرطب الذي شقه النبي صلى الله عليه وسلم باثنين ثم غرس على هذا واحداً وعلى هذا واحداً ثم قال: لعله أن يخفف عنهما ما لم يبسا. خرجه البخاري ومسلم، وفي مسند الطيالسي: فوضع على أحدهما نصفاً وعلى الآخر نصفاً وقال: إنه يهون عليهما ما دام فيهما من بلوتهما شيء"، قالوا: ويستفاد من هذا غرس الأشجار وقراءة القرآن على القبور وإذا خفف عنهم بالأشجار، فكيف بقراءة الرجل المؤمن القرآن ". وقد أطال القرطبي النفس في الاستدلال لهذه القضية.
وقال ابن مفلح من الحنبلية في الفروع (3/422) :" وفي شرح مسلم: أن العلماء استحبوا القراءة لخبر الجريدة، لأنه إذا أرجي التخفيف لتسبيحها فالقراءة أولى"، وكذلك قاله ابن دقيق العيد،
وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني الشافعي في الأربعين المتباينة (86) :" وإذا حصلت البركة بتسبيح الجمادات، فبالقرآن الذي هو أشرف الذكر من الآدمي الذي هو أشرف الحيوان أولى بحصول البركة بقراءته ولا سيما إن كان القارئ رجلا صالحا والله أعلم ".
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المطلب الرابع: أدلة من أجاز مطلق القراءة على الميت، وعند مطلق الزيارة:
وقد استدلوا بأدلة عامتها أباطيل أو ضعاف. 
دليل أول: حديث علي:
قال أبو محمد الخلال في فضائل سورة الإخلاص (ص102): حدثنا أحمد بن إبراهيم بن شاذان ثنا عبد الله بن عامر الطائي حدثني أبي ثنا علي بن موسى عن أبيه موسى عن أبيه جعفر عن أبيه محمد عن أبيه علي عن أبيه الحسين عن أبيه علي بن أبي طالب: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « من مر على المقابر وقرأ قل هو الله أحد إحدى عشرة مرة، ثم وهب أجره للأموات أعطي من الأجر بعدد الأموات » وفي إسناده عبد الله بن أحمد بن عامر قال عنه الذهبي: وأحسبُه واضع تلك النّسخة أو إبنه، وكذلك قال ابن الجوزي، والله أعلم بدليلهم على هذا الاتهام .
وأما المتقدمون فلم يتهموه، وإنما قال الحسن بن علي الزهري: كان أميا لم يكن بالمرضي، وقال ابن عساكر: في حديثه ضعف، ولذلك تعقب السيوطيُّ الذهبيَّ فقال في جامعه:" والأب – أحمد بن عامر- موثق، فإما أن تكون هذه متابعة للابن – عبد الله - فيخرج عن التهمة، فإن هذه النسخة وغيرها من النسخ المحكوم ببطلانها ليست كلهم باطلة، بل غالبها فيها أحاديث لها أصل، وإما أن يكون هذا المتابع ممن يسرق الحديث فسرقه من الابن وحدث به عن الأب بغير واسطة كما هو دأب سراق الأحاديث"،
فلئن كان ضعيفا فقط فيعتبر به، وإلا فلا، وأما علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي فصدوق، وكذلك أبوه موسى وجعفر ومحمد، كلهم من الثقات المعدلين، وللحديث متابعة أخرى:  
دليل ثاني: خرجه الرافعي في تاريخ قزوين (2/ 297) من ترجمة اسماعيل: من طريق أبي الحسن علي ابن محمد بن مهروية وأبي سهل إسماعيل بن عبد الوهاب ثنا داود بن سليمان الغازي أنبا علي بن موسى الرضا حدثني أبو موسى بن جعفر عن أبيه جعفر بن محمد بن أبيه محمد بن علي عن أبيه علي بن الحسين عن أبيه الحسين بن علي عن أبيه علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من مرّ على المقابر فقرأ فيها إحدى عشر مرة " قل هو الله أحد " ثم وهب أجره الأموات أعطى من الأجر بعدد الأموات"، وكذلك رواه أبو بكر النجار في كتاب السنن عن علي قاله العيني،
وقد قال الألباني في السلسلة (7 /278):" وهذا موضوع ؛ آفته الغازي هذا، قال الذهبي في الميزان :"كذبه يحيى بن معين، ولم يعرفه أبو حاتم وبكل حال فهو شيخ كذاب له نسخة موضوعة عن علي بن موسى الرضا، رواها علي بن محمد بن مهرويه القزويني الصدوق عنه 
وقال الألباني: وقد توبع من كذاب مثله، أو سرقه أحدهما من الآخر فانظر أحكام الجنائز (ص193)، والحديث أورده العجلوني في كشف الخفاء (2/ 272) من رواية الرافعي عن علي وسكت عنه"،
فالعلة إذا في داود الغازي، فقيل بتكذيبه، وقيل بجهالته، وقال الرافعي في ترجمته:" شيخ اشتهر بالرواية عن علي بن موسى الرضا"، وقال في ترجمة الحافظ علي بن محمد بن مهروية: سمع مسند علي بن موسى الرضا عن داود بن سليمان الغازي"،
فلئن كان هذا الحديث من مسند علي الرضا حقًّا فالحديث غاية في الصحة، وإلا فلا، فقد قال الرافعي في ترجمة علي بن الحسين بندار: قال علي بن مهروية قال أبو حاتم محمد بن إدريس الرازي قال أبو الصلت عبد السلام بن صالح الهروي : " لو قرئ هذا الاسناد على مجنون لأفاق "، وعن عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي قال: كنت مع أبي بالشام فرأيت رجلاً مصروعاً فذكرت هذا الإسناد، فقلت: أجرب بهذا، فقرأت عليه هذا الإسناد فقام الرجل فنفض ثيابه ومر"،
وهذا تصحيح كبير لهذا الإسناد واحتجاج برجاله، ولا يُستشفى إلا بالقرآن وصحيح السنة، وما كان لمثل الهروي وأبي حاتم وابنه وهم أئمة الحديث أن يحتجوا ويستشفوا بإسناد الكذابين ،
إلا أن هذا المسند مفقود، وقد تفرد الغازي بهذه الرواية، والله أعلم هل هي من مسنده أم لا ؟
وأما الغازي فالصواب في أمره ما قاله ابن عدي (2/342) عن حديثه :" الإيمان قول.. قال:" وهذا عن علي بن موسى الرضا، قد رواه عنه أبو الصلت وداود بن سليمان الغازي القزويني وعلي بن الأزهر السرخسي وغيرهم، وهؤلاء أشهر من الهيثم بن عبد الله الذي روى عنه العدوي لأن الهيثم مجهول"، فجعله في مرتبة المشهور، وهي أرفع من مرتبة المجهول العين، فهو إذا ممن قد يُستأنس بحديثه والله أعلم ، إلا أنه يحتاج لمتابع ثالث أفضل ممن سبقه والله أعلم .  
دليل ثالث: خرجه أبو القاسم سعد بن علي الزنجاني في فوائده عن أبي هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" من دخل المقابر ثم قرأ فاتحة الكتاب وقل هو الله أحد وألهاكم التكاثر ثم قال إني جعلت ثواب ما قرأت من كلامك لأهل المقابر من المؤمنين والمؤمنات كانوا شفعاء له إلى الله تعالى"، كذا ذكره غير واحد من الأئمة والمفسرين، وحاله متوقفة عند النظر في إسناده والله أعلم .
حديث رابع: روي عنه صلى الله عليه وسلم قال:" من دخل المقابر فقرأ سورة يس خفف عنهم يومئذ، وكان له بعدد من فيها حسنات"، قال الألباني في السلسلة الضعيفة و الموضوعة (3/397) : "موضوع أخرجه الثعلبي في تفسيره (3/161/2 ) من طريق محمد بن أحمد الرياحي حدثنا أبي حدثنا أيوب بن مدرك عن أبي عبيدة عن الحسن عن أنس بن مالك مرفوع، قال: وهذا إسناد مظلم هالك مسلسل بالعلل: الأولى أبو عبيدة، قال ابن معين: مجهول، والثانية : أيوب بن مدرك متفق على ضعفه و تركه، بل قال ابن معين: " كذاب "، وقال ابن حبان:" روى عن مكحول نسخة موضوعة ولم يره "، فهو آفة هذا الحديث، والثالثة: أحمد الرياحي، وهو أحمد بن يزيد بن دينار أبو العوام ، قال البيهقي:" مجهول "، وأما ابنه محمد فصدوق، وقال الحافظ السخاوي في الفتاوى الحديثية ( ق 19/1 ): " رواه أبو بكر عبد العزيز صاحب الخلال بإسناده عن أنس مرفوعا كما في" جزء وصول القراءة إلى الميت" للشيخ محمد بن إبراهيم المقدسي، وقد ذكره القرطبي، وعزاه للطبراني عن أنس، إلا أنني لم أظفر به إلى الآن، وأظنه لا يصح "،
حديث خامس : وفيه القراءة يوم الجمعة، قال أبو نعيم في تاريخ اصبهان (2/323) من ترجمة أبي مسعود يزيد بن خالد:  حدثنا أبو علي بن إبراهيم ثنا أبو مسعود يزيد بن خالد ثنا عمرو بن زياد البقالي الخراساني ثنا يحيى بن سليمان عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة عن أبي بكر قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:" من زار قبر والديه في كل جمعة أو أحدهما فقرأ عندهما أو عنده يس غفر له بعدد ذلك آية أو حرف"، وخرجه أبو الشيخ في فضائل القرآن، وآفته عمرو بن زياد فإنه متهم، فقد قال ابن عدي: وهذا الحديث بهذا الإسناد باطل ليس له أصل".  
دليل سادس: قال القرشي في هدية الأحياء للأموات ر 6 : 16- أخبرنا أبو منصور محمد بن أحمد بن القاسم بثغر آمد، قال: أنبأ أبو بكر محمد بن عربي بن علي المنقري بالبصرة ثنا أبو أحمد إسحاق بن عبد الجبار ثنا عبد الله بن جعفر بن بركة الإسكندراني ثنا إبراهيم بن نصر ثنا شعبة عن داود بن أبي هند عن زرارة عن تميم الداري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما من مؤمن يقرأ آية الكرسي فيجعل ثوابها لأهل القبور إلا لم يبق على وجه الأرض قبراً إلا أدخل الله فيه معروفاً ووسع عليهم قبورهم مد البصر، وأعطاه الله بقراءتها ثواب ألف شهيد، ورفع له ألف درجة، وكتب له بكل كلمة ألف حجة، وألف عمرة، وخلق الله بكل حرف ملكين يسبحان الله عز وجل إلى يوم القيامة وكان ثوابهم له"، إسناد غامض من إبراهيم بن نصر فمن فوقه.
وإنما ذكرت هذه الأحاديث حتى يُعلم كل فريق بماذا استدل.
وقد وردت القراءة على الأموات عن التابعين أيضا كما في :  
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المطلب الخامس: ذكر الآثار في القراءة عن التابعين ومن بعدهم:
أثر أو الأثر الأول : وفيه القراءة عند المحتظر والميت:
قال هناد بن السّري نَا وَكِيع عَن حسان بن إِبْرَاهِيم عَن أُميَّة الْأَزْدِيّ عَن جَابر بن زيد قَالَ: «كَانَ يسْتَحبّ أَن يقْرَأ عِنْد الْمَيِّت سُورَة (الرَّعْد)"، قَالَ: وَيُقَال: إِن ذَلِك يُخَفف أَيْضا »،
فالقراءة تخفف عن المحتظر السكرات، وكذلك عن الميت من الوحشة أو العذاب كما مر عن الطبري.
 قال أبو بكر (2/445) حدثنا وكيع عن سفيان عن حسان بن إبراهيم عن أمية الأزدي عن جابر بن زيد أنه كان يقرأ عند الميت سورة الرعد"، أمية الأزدي وثقه ابن حبان، وذكره ابن قطلوبغا في الثقات، ولذلك قال الحافظ ابن حجر: سنده صحيح"، نقله عنه الأرناؤوط وابن علان في الفتوحات، شرح الأذكار (4/120).
أثر ثاني: وفيه القراءة عند مطلق الزيارة:
قال الخلال في القراءة عند القبور (90): أخبرني إبراهيم بن هاشم البغوي حدثنا عبد الله بن سنان المروزي أبو محمد ثنا الفضل بن موسى السيناني عن شريك عن منصور [عن المري] عن إبراهيم قال: «لا بأس بقراءة القرآن في المقابر».
عبد الله بن سنان ذكره الخطيب في المتشابه وابن ماكولا بلا جرح ولا تعديل .
الأثر الثالث والرابع: قال الخلال: أخبرني أبو يحيى الناقد سمعت الحسن الجروي يقول:« مررت على قبر أخت لي، فقرأت عندها: تبارك، لما يذكر فيها، فجاءني رجل فقال: إني رأيت أختك في المنام تقول: جزى الله أخي عني خيرا، فقد انتفعت بما قرأ». 
4. قال أخبرني الحسن بن الهيثم سمعت أبا بكر الأطروشي يقول: « كان رجل صالح يجيء إلى قبر أمه يوم الجمعة فيقرأ سورة : يس ..".
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

                                                 الخــــــــــاتمـــــــــــــة
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، وتكمل الطاعات، وتلين الصعوبات، وبعد : 
فإني أحمد الله ربي حمدا كثيرا أن يسر لي إتمام هذا البحث المتواضع ، والذي استفتحته بتأصيل لمسألة القراءة على المقبورين، وتعيين لمحل الوفاق والخلاف في زمن ومحل القراءة، ولحوق الثواب للميت، مع تحرير الأقوال في ذلك وشروط تلك القراءة ، ونقول الإجماع على مشروعية القراءة على حديث الوفاة، ثم انتقلت إلى المبحث الثاني، حيث ذكرت أدلة كل فريق ، فابتدأت بإيراد أدلة المانعين للقراءة على الأموات مطلقا ، ثم ثنيت بأدلة من قال بمشروعية القراءة لحديث الوفاة، وذلك منذ الاحتضار إلى الموت فالدفن وما بعده بزمن يسير فقط، ثم ذكرت أدلتهم من القياس، ثم انتقلت إلى أدلة من أجاز مطلق القراءة على الميت ولو بعد أمد بعيد ، ثم ختمت البحث بذكر الآثار عن التابعين ومن بعدهم .  
وقد تحصّل من ذلك تعيين مواطن الاتفاق والاختلاف، حيث اتفقوا - كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية - على مشروعية القراءة منذ الموت وقبيله إلى حين دفن الميت لصحة الأحاديث والآثار بذلك ، ولا أعلم لمن بدّع ما كان عليه السلف الصالح ههنا أثارةً من علم لا من كتاب ولا من سنة صحيحة ولا ضعيفة بل ولا موضوعة، ولا من قول صاحب ولا تابع ولا سلف ولا قياس ولا من رأي سديد .
وأما بعد الدفن بزمن بعيد، فمسألة خلافية كما أسلفنا والأحوط ترك القراءة ههنا لضعف الأحاديث فيها ، والله تعالى هو الهادي إلى سبيل السنة والرشاد وبالله التوفيق .       

                                     كتبه أبو عيسى الطاهر زياني
المصدر: 
https://elzianitaher.blogspot.com/2018/02/blog-post.html

0 comments: