Pesanan Pengendali Blog kepada Semua Ahli Ilmu

Imam Ibnu Asakir, Imam al-Khatib dan Imam al-Hafiz al-Mizzi meriwayatkan sebuah hadis yang berbunyi:

"Apabila akhir umat ini melaknat (generasi) awalnya, maka hendaklah orang-orang yang mempunyai ilmu pada ketika itu menzahirkan ilmunya, sesungguhnya orang yang menyembunyikan ilmu pada waktu tersebut seumpama seseorang yang menyembunyikan apa yang telah diwahyukan kepada (Sayyidina) Muhmammad SAW!!!"

Maka apabila lahir golongan yang mencaci dan melaknat para ulama' aqidah ASWJ al-Asha'irah dan al-Maturidiyyah (Hanafi, Maliki, Shafie dan majoriti Hanbali) yang mengikut generasi Salafus Soleh, apakah yang telah kita lakukan???
Tuesday, May 26, 2020

السؤال 138 :
ما حكم قراءة القرآن على الميت ؟  فإنّ هناك من يقول بأنه بدعة وبأنه لا يجوز وأن من فعله كان مبتدعا ، وما حكم وصول ثواب قراءة القرآن إلى الميت ؟
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على خير المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، وبعد :  
لا مانع من قراءة القرآن على الميت وثواب القراءة يصل إلى الميت ، وهذا قول جمهور  الفقهاء ، وهو القول الراجح في المسألة واللّه أعلم ، كما أنّ قراءة القرءان على الميت ، من المسائل الفقهية الفرعية المختلف فيها بين العلماء ، وجمهور الفقهاء لاسيما المتأخرين على جوازها ، وهي ليست من مسائل العقيدة ولا من مسائل الأصول حتى يُيدع فاعلها ، وحتى تُعقد الألوية على الولاء والبراء من أجلها ، والمبالغة في إنكارها ، كما أنّه لم يأت دليل يحرم قراءة القرءان على الميت ، لا من القرءان ولا من السنة ولا صرح به أحد من أئمة المذاهب. فكيف يتجرأ بعض الناس اليوم على التصريح بتحريم قراءة القرءان على الميت ؟ 
ولم يقل بذلك أحد ممن يعتد بقولهم من الفقهاء ، لقد كان الواجب عليه أن يراعي جانب القائلين بالوصول وهم أكثر الفقهاء ، ومنهم الإمام أحمد بن حنبل ، من أشد الأئمة اتباعا للآثار ،  كان على هذا المبدع أن يراعي الخلاف في المسألة ، وأن يراعي الدلائل التي أتوا بها ، لقد كان الواجب عليه أن يراعي ذلك ، فلا يصرح بالتحريم ولا بالتبديع ، بل يحكي القولين ويرجح ما يراه راجحًا ، من غير تشنيع ولا تهويل ، لكن الإنصاف عزيز وحب العناد والظهور ، قاصم للظهور نسأل الله تعالى السلامة ، والله تعالى أعلم ، وبالله التوفيق ، ولتفصيل الإجابة و بيان الأدلة ، أنقل مبحثين من أجود المباحث في هذه المسألة ،
المبحث الأول ) : " توضيح البيان لوصول ثواب القرءان للسيد الحسيني عبد الله بن الصديق الغماري " : قال رحمه الله تعالى : 
[[  اقرأ على الموتى كلام إلهنا ... ودع الخصومة في وصول ثوابهِ  ... وإذا سئلت عن الدليل فأفصحنْ ... بجواب طالبه وحسن خطابهِ ... يصل الدعاء كذا الصيام تفضّلا ... من ربنا فكذلك حكم كتابهِ ... لا فرق بين عبادة وعبادةٍ ... ومن ادعى التفريق ليس بنابهِ ... وحديث لجلاجٍ يؤيد قولنا ... ويعيض عن خطإ بوجه صوابهِ ... وإذا أتاك معاند بلجاجة ... فأصم أذنك عن سماع سبابهِ ... لا تفتحنْ باب الجدال فإنهُ ... يفضي بصاحبه لسوء عقابهِ ،  
بسم الله الرحمن الرحيم : الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين ، ورضي الله عن آله الأكرمين وصحابته والتابعين ، أما بعد : 
فهذا بحث محرر مفيد بينت فيه وصول ثواب القرءان للميت إذا أهداه القارئ بلفظه أو نيته ، بعد أن استعرضت الأقوال وأدلتها ، وأجبت عن أدلة المانعين للوصول ، بما يفيد ضعف ما ذهبوا إليه ، والله أسأل أن يهديني سواء السبيل ، فهو حسبي ونعم الوكيل : اختلف العلماء في إهداء قراءة القرءان للميت ، هل يصل ثوابها إليه ؟ 
مشهور مذهب مالك والشافعي : أن قراءة القرءان لا تصل للميت ، ومذهب أحمد وأكثر المتقدمين : أنها تصل ، وهذا هو الذي رجحه متأخرو المالكية وغيرهم ، قال النووي في الأذكار -بعد حكاية الإجماع على أن الدعاء يصل الميت وينفعه ثوابه- ما نصه : واختلف العلماء في وصول ثواب قراءة القرءان؟ فالمشهور من مذهب الشافعي وجماعة : أنه لا يصل وذهب أحمد وجماعة من العلماء وجماعة من أصحاب الشافعي إلى أنه يصل ، فالاختيار : أن يقول القارئ بعد فراغه : اللهم أوصل ثواب ما قرأته إلى فلان اهـ وقال ابن القيم : واختلفوا في العبادة البدنية كالصوم والصلاة وقراءة القرءان والذكر فمذهب الإمام أحمد وجمهور السلف وصوله. وهو قول بعض أصحاب أبي حنيفة. نص على هذا الإمام أحمد في رواية محمد بن يحيى الكحال قال : قيل لأبي عبد الله : الرجل يعمل الشيء من الخير من صلاة أو صدقة أو غير ذلك ، يجعل نصفه لأبيه أو أمه ، قال : أرجو ، وقال : الميت يصل إليه كل شيء من صدقة أو غيرها. وقال أيضًا : اقرأ ءاية الكرسي ثلاثة مرات ، وقل هو الله أحد ، وقل : اللهم إن فضله لأهل المقابر. والمشهور من مذهب مالك والشافعي أن ذلك لا يصل. وذهب بعض أهل البدع من أهل الكلام أنه لا يصل إلى الميت شيء البتة لا دعاء ولا غيره اهـ. وقال الحافظ ابن حجر في الجواب الكافي عن السؤال الخافي ما نصه : وأما الحادي عشر وهو هل يصل ثواب القراءة للميت؟ فهي مسألة مشهورة ، وقد كتبت فيها كراسة والحاصل أن أكثر المتقدمين من العلماء على الوصول ، وأن المختار الوقف عن الجزم في المسألة ، مع استحباب عمله والإكثار منه اهـ. وأفتى ابن رشد من أئمة المالكية أن الميت ينتفع بقراءة القرءان ويصل إليه نفعه ويحصل له أجره إذا نوى القارئ هبة ثواب قراءته له اهـ ، واعتمده غير واحد من متأخري المالكية ، قال ابن هلال في نواز له : وبه جرى عمل الناس شرقًا وغربًا ، ووقفوا على ذلك أوقافًا ، واستمر عليه الأمر أزمنة سالفة اهـ ، [  دليل المانعين للوصول ] : استدلوا بقوله تعالى : { وأن ليس للإنسان إلا ما سعى } قال الحافظ ابن كثير في تفسيره : ومن هذه الآية استنبط الشافعي رحمه الله ومن اتبعه أن القراءة لا يصل إهداء ثوابها إلى الموتى ، لأنه ليس من عملهم ولا كسبهم ولهذا لم يندب إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أمته ، ولا حثهم عليه ، ولا أرشدهم إليه بنص ولا إيماء ، ولم ينقل ذلك عن أحد من الصحابة رضي الله عنهم ، ولو كان خيرًا ما سبقوا إليه ، وباب القربات يقتصر فيه على النصوص ، ولا يتصرف فيه بأنواع الأقيسة والآراء فأما الدعاء والصدقة فذاك مجمع على وصولهما ، ومنصوص من الشارع عليهما اهـ ، قلت : قوله : أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يندب أمته إلى ذلك ، وأن الصحابة لم يفعلوه ، منقوض بما يأتي إن شاء الله ودعواه أن القربات لا يتصرف فيها بالقياس ، مخالف لما قرره أهل الأصول والفقه ، أما الآية ، فالجواب عنها من وجوه : ( الأول ) : أنها لم تبق على عمومها ، بل أخرج منها الدعاء والصيام والصدقة والحج ، وفي حجية العام بعد تخصيصه خلاف كبير بين الأصوليين ، وإن كان الراجح بقاءها ففي الاستدلال بالآية نزاع كما ترى ، ( الثاني ) : أنها منسوخة بقوله تعالى : { لحقنا بهم ذريتهم } الآية ، روى عن ابن عباس ولا يصح. لأن الآية خبر ، والخبر لا يدخله نسخ ، ( الثالث ) : أنها إخبار عن شريعة إبراهيم وموسى ، أما هذه الأمة فلها ما سعت وما سعى لها غيرها ، للأحاديث الدالة على ذلك ، قاله عكرمة ، ( الرابع ) : أنها في الكافر ، أما المؤمن فله ما سعى وما سعي له قاله الربيع بن أنس ، ( الخامس ) : أن اللام في الإنسان بمعنى [ على ]  أي ليس على الإنسان إلا ما سعى ، وهذا ضعيف أو باطل ، ( السادس ) : أن في الآية حذفًا تقديره وأن ليس للإنسان إلا ما سعى أو سعى له ، وهذا باطل ، ( السابع ) : أن المراد بالإنسان في الآية الحي ، لا الميت وهذا باطل ، ( الثامن ) : أنها في الذنوب ، وقد اتفق على أنه لا يحتمل أحد ذنب أحد ، ويدل على هذا قوله قبلها : { ألا تزر وازرة وزر أخرى } وكأنه يقول : لا يؤخذ أحد بذنب غيره ولا يؤاخذ إلا بذنب نفسه ، وهذا ضعيف ، ( التاسع ) : أن للإنسان ما عمل بحق ، وله ما عمل له غيره بهبة العامل له فجاءت الآية في إثبات الحقيقة ، دون ما زاد عليها ، 
( العاشر ) : أن ليس للإنسان إلا ما سعى من طريق العدل ، فأما من باب الفضل فجائز أن يزيده الله تعالى ما شاء قاله الحسين بن الفضل ، 
( الحادي عشر ) : أنها لم تنف انتفاع الرجل بسعي غيره وإنما نفت ملكه لغير سعيه وبين الأمرين فرق لا يخفى ، فأخبر الله تعالى أن الإنسان لا يملك إلا سعيه ، أما سعي غيره فهو ملك لساعيه : فإن شاء أن يبذله لغيره ، وإن شاء أن يبقيه لنفسه وهو سبحانه لم يقل لا ينتفع إلا بما سعى قال ابن القيم وكان شيخنا -يعني ابن تيمية- يختار هذه الطريقة ويرجحها اهـ ، وقال القرطبي : وقيل إن الله عز وجل إنما قال : { وأن ليس للإنسان إلا ما سعى } ولام الخفض معناها في العربية الملك والإيجاب فلم يجب للإنسان إلا ما سعى ، فإذا تصدق عليه غيره ، فليس يجب له شيء ، إلا أن الله عز وجل يتفضل عليه ، بما لا يجب عليه. كما يتفضل على الأطفال بادخالهم الجنة بغير عمر اهـ ،
( الثاني عشر ) : أن معنى { إلا ما سعى } إلا ما نوى بدليل قوله صلى الله عليه وسلم : " يبعث الناس على نياتهم" قاله أبو بكر الوراق ، ( الثالث عشر ) : أن الإنسان بسعيه وحسن عشرته ، اكتسب الأصدقاء ، وأولد الأولاد ونكح الأزواج ، وأسدى الخير وتودد إلى الناس ، فترحموا عليه ، وأهدوا له العبادات وكان ذلك أثر سعيه ، كما قال صلى الله عليه وسلم : " أن أطيب ما أكل الرجل من كسب يده وأن ولده من كسبه" قال أبو الوفاء بن عقيل الحنبلي ، قال ابن القيم : وهذا جواب متوسط ، يحتاج إلى تمام ، فإن العبد بإيمانه وطاعته لله ورسوله ، قد سعى في انتفاعه بعمل إخوانه المؤمنين ، مع عمله ، كما ينتفع بعملهم في الحياة مع عمله ، فإن المؤمنين ينتفع بعضهم بعمل بعض في الأعمال التي يشتركون فيها ، كالصلاة في الجماعة ، فإن كل واحد منهم تضاعف صلاته إلى سبعة وعشرين ضعفًا ، لمشاركة غيره له في الصلاة فعمل غيره كان سببًا لزيادة أجره ، كما أن عمله سبب لزيادة أجر الآخرين ، بل قد قيل : إن الصلاة يضاعف ثوابها بعدد المصلين. وكذلك اشتراكهم في الجهاد والحج ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والتعاون على البر والتقوى ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : " المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا" وشبك بين أصابعه ، ومعلوم أن هذا بأمور الدين أولى منه بأمور الدنيا. فدخول المسلم مع جملة المسلمين في عقد الإسلام ، من أعظم الأسباب في وصول نفع كل من المسلمين إلى صاحبه ، في حياته وبعد موته ، ودعوة المسلمين تحيط من ورائهم وقد أخبر الله تعالى عن حملة العرش ومن حوله أنهم يستغفرون للمؤمنين ويدعون لهم. وأخبر عن دعاء رسله واستغفارهم للمؤمنين ، كنوح وإبراهيم ومحمد صلى الله عليه وسلم. فالعبد بإيمانه ، قد تسبب في وصول هذا الدعاء إليه ، فكأنه من سعيه ، يوضحه : إن الله سبحانه وتعالى جعل الإيمان سببًا لانتفاع صاحبه بدعاء إخوانه من المؤمنين وسعيهم ، فإذا أتى به ، فقد سعى في السبب الذي يوصل إليه ذلك ، وقد دل على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم لعمرو بن العاص : " إن أباك لو كان أقر بالتوحيد نفعه ذلك" يعني العتق الذي فعل عنه بعد موته ، فلو أتى بالسبب لكان قد سعى في عمل يوصل إليه ثواب العتق ، وهذه طريقة لطيفة حسنة جدًا اهـ ، والحديث الذي أشار إليه ، رواه أحمد وغيره عن عبد الله بن عمرة أن العاصي بن وائل ، نذر في الجاهلية أن ينحر مائة بدنة ، وأن هشام بن العاصي نحر خمسًا وخمسين ، وأن عمرًا سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك؟ فقال : أما أبوك فلو أقر بالتوحيد فصمت وتصدقت عنه نفعه ذلك ، أفاد الحديث أن السبب في انتفاع الميت بما يهدى إليه من الأعمال إيمانه وتوحيده. وفي تفسير الألوسي ما نصه : وقال بعض أجلة المحققين : أنه ورد في الكتاب والسنة ما هو قطعي في حصول الانتفاع بعمل الغير ، وهو ينافي ظاهر الآية. فتقيد بما لا يهبه العامل. وسأل والي خراسان عبد الله بن طاهر ، الحسين بن الفضل عن هذه الآية ، مع قوله تعالى : { والله يضاعف لمن يشاء } فقال : ليس له بالعدل إلا ما سعى ، وله بالفضل ما شاء الله تعالى فقيل عبد الله رأس الحسين اهـ وقال الألوسي أيضًا بعد إيراد بعض أجوبة عن الآية ما نصه : والذي أميل إليه كلام الحسين ، ونحوه كلام ابن عطية ، قال : والتحرير عندي في هذه الآية أن ملاك المعنى هو اللام من قوله سبحانه { للإنسان } فإذا حققت الشيء الذي يحق للإنسان أن يقول فيه : لي كذا ، لم تجده إلا سعيه ، وما يكون من رحمة بشفاعة أو رعاية أب صالح أو ابن صالح أو تضعيف حسنات أو نحو ذلك ، فليس هو للإنسان ، ولا يسعه أن يقول : لي كذا وكذا إلا على تجوز وإلحاق بما هو حقيقة اهـ ، ويعلم من مجموع ما تقدم أن استدلال المعتزلة بالآية على أن العبد إذا جعل ثواب عمله أي عمل كان ، لغيره لا ينجعل ويلغو جعله غير تام وكذا استدلال الشافعي بها على أن ثواب القراءة لا يلحق الأموات اهـ كلام الألوسي ، وما نقله عن المعتزلة ليس متفقًا عليه بينهم فالزمخشري وهو من كبارهم يقول بالوصول ، قال في الكشاف عند تفسير هذه الآية ما نصه : فإن قلت : أما صح في الأخبار الصدقة عن الميت والحج عنه وله الأضعاف ، قلت : فيه جوابان : أحدهما أن سعي غيره لما لم ينفعه إلا مبنيًا على سعي نفسه وهو أن يكون مؤمنًا صالحًا ، وكذلك الإضعاف ، كان سعي غيره كأنه سعي نفسه لكونه تابعًا له ، وقائمًا بقيامه ، والثاني : أن سعي غيره لا ينفعه إذا عمله لنفسه ولكن إذا نواه به ، فهو بحكم الشرع كالنائب عنه ، والوكيل القائم مقامه اهـ ، وفي فتاوى الحافظ ابن الصلاح ما نصه : مسألة في قوله تعالى : { وأن ليس للإنسان إلا ما سعى } وقد ثبت أن أعمال الأبدان لا تنتقل. وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم : " إذا مات ابن ءادم انقطع عمله إلا من ثلاثة صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له" وقد اختلف في القرءان : هل يصل إلى الميت أو لا؟ وكيف يكون الدعاء يصل إليه والقرآن أفضل أجاب رضي الله عنه : هذا قد اختلف فيه ، وأهل الخير وجدوا البركة في مواصلة الأموات بالقرآن ، وليس الاختلاف في هذه المسألة ، كالاختلاف في الأصول ، بل هي من مسائل الفروع ، وليس نص الآية المذكورة دالاً على بطلان قول من قال : أنه يصل ، فإن المراد به -أي نص الآية- أنه لا حق له ولا جزاء إلا فيما يسعى ، ولا يدخل ما يتبرع به الغير من قراءة ودعاء وأنه لا حق في ذلك ولا مجازاة ، وإنما أعطاه الغير تبرعًا ، وكذلك الحديث لا يدل على بطلان قوله ، فإنه في عمله ، وهذا من عمل غيره اهـ ، وقال الشيخ تقي الدين أبو العباس أحمد بن تيمية : من اعتقد أن الإنسان لا ينتفع إلا بعمله فقد خرق الإجماع وذلك باطل من وجوه : ( أحدها ) : أن الإنسان ينتفع بدعاء غيره ، وهو انتفاع بعمل الغير ، ( ثانيها ) : أن النبي صلى الله عليه وسلم يشفع لأهل الموقف في الحساب ، ثم لأهل الجنة في دخولها ، ثم لأهل الكبائر في الخروج من النار ، ( ثالثها ) : أن الملائكة يستغفرون ويدعون لمن في الأرض ، ( رابعها ) : أن الله تعالى يخرج من النار من لم يعمل خيرًا قط ، بمحض فضله ورحمته ، وهذا انتفاع بغير عملهم ، ( خامسها ) : أن أولاد المؤمنين يدخلون الجنة بعمل ءابآئهم ، ( سادسها ) : قال تعالى في قصة الغلامين اليتيمين { كان أبوهما صالحًا } ، ( سابعها ) : أن الميت ينتفع بالصدقة عنه وبالعتق ، بنص السنة والإجماع ، ( ثامنها ) : أن الحج المفروض يسقط عن الميت لحج وليه عنه بنص السنة ، ( تاسعها ) : أن الحج المنذور أو الصوم المنذور يسقط عن الميت بعمل غيره ، بنص السنة وهو انتفاع بعمل الغير ، ( عاشرها ) : أن المدين قد امتنع النبي صلى الله عليه وسلم من الصلاة عليه حتى قضى دينه أبو قتادة ، وقضى دين الآخر علي بن أبي طالب ، وانتفع بصلاة النبي صلى الله عليه وسلم وهو من عمل الغير اهـ باختصار ، فتبين مما تقدم أن الاستدلال بالآية على منع وصول القراءة للميت ، غير صحيح لأن الآية لا تفيد ذلك ،   [  أدلة القائلين بالوصول  ] : استدلوا بأمور : ( أحدها ) : قال الطبراني في معجمه الكبير ، حدثنا الحسين بن اسحاق التستري ثنا علي بن حجر ثنا مبشر بن اسماعيل حدثني عبد الرحمن بن العلاء بن اللجلاج عن أبيه قال : قال أبي اللجلاج أبو خالد : يا بني إذا أنا مت فألحدني فإذا وضعتني في لحدي فقل : بسم الله وعلى ملة رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم شن عليّ التراب شنًا ، ثم اقرأ عند رأسي بفاتحة البقرة وخاتمتها فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ذلك ، قال الحافظ الهيثمي رجاله موثقون ، قلت فإسناده حسن ،
( ثانيها ) : روى الطبراني والبيهقي عن ابن عمر قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إذا مات أحدكم فلا تحبسوه وأسرعوا به إلى قبره وليقرأ عند رأسه فاتحة الكتاب" ولفظ رواية البيهقي [ بفاتحة البقرة وعند رجليه بخاتمة البقرة في قبره ] ، ( ثالثها ) : ثبت في الأحاديث الصحيحة وصول الصدقة والصوم والحج والعمرة إلى الميت وهذه عبادات ، وقراءة القرءان عبادة أيضًا ، فتصل إلى الميت لأنه لا فارق بينها وبين تلك العبادات المذكورة ، وهذا من القياس الجلي ، الذي لا خلاف في حجيته ، والعمل به ، قال القرطبي في التذكرة : أصل هذا الباب الصدقة التي لا اختلاف فيها ، فكما يصل للميت ثوابها ، فكذلك تصل قراءة القرءان والدعاء والاستغفار. إذ كل ذلك صدقة ، فإن الصدقة لا تختص بالمال قال صلى الله عليه وسلم وقد سئل عن قصر الصلاة في حالة الأمن : " صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته" وقال صلى الله عليه وسلم : " يصبح على كل سلامي من أحدكم صدقة فكل تسبيحة صدقة وكل تهليلة صدقة وكل تكبيرة صدقة وكل تحميدة صدقة وأمر بالمعروف صدقة ونهي عن المنكر صدقة ويجزئ عن ذلك ركعتان يركعهما من الضحى" ولهذا استحب العلماء زيارة القبور ، لأن القراءة تحفة الميت من زائره اهـ. فأفاد أن القراءة يشملها لفظ الصدقة في عرف الشرع ، وقال ابن القيم - بعد أن أطال في بيان وصول الأعمال المهداة إلى الميت ، وأفاض في الاستدلال لذلك- ، ما نصه : وأما قراءة القرءان ، وإهداؤها له تطوعًا بغير أجرة ، فهذا يصل إليه كما يصل ثواب الصوم والحج فإن قيل : فهذا لم يكن معروفًا في السلف ، ولا يمكن نقله عن واحد منهم ، مع شدة حرصهم على الخير ولا أرشدهم النبي صلى الله عليه وسلم. وقد أرشدهم إلى الدعاء والاستغفار والصدقة والحج والصيام. فلو كان ثواب القراءة يصل ، لأرشد إليه ، ولكانوا يفعلونه فالجواب : أن مورد هذا السؤال ، إن كان معترفًا بوصول ثواب الصوم والحج والدعاء والاستغفار قيل له : ما هذه الخاصية التي منعت وصول ثواب القرءان واقتضت وصول ثواب هذه الأعمال؟ وهل هذا إلا تفريق بين المتماثلات؟ وإن لم يعترف بوصول تلك الأشياء إلى الميت ، فهو محجوج بالكتاب والسنة والإجماع وقواعد الشرع ، وأما الذي لأجله لم يظهر ذلك في السلف ، فهو أنه لم يكن لهم أوقاف على من يقرأ ويهدي إلى الموتى ، ولا كانوا يعرفون ذلك البتة ولا كانوا يقصدون القبر للقراءة عنده ، كما يفعله الناس اليوم ، ولا كان أحدهم يشهد من حضره من الناس أن ثواب هذه القراءة لفلان الميت. بل ولا ثواب هذه الصدقة والصوم ، ثم يقال لهذا القائل : ولو كلفت أن تنقل عن واحد من السلف أنه قال : اللهم ثواب هذا الصوم لفلان ، لعجزت ، فإن القوم كانوا أحرص شيء على كتمان أعمال البر ، فلم يكونوا ليشهدوا على الله بإيصال ثوابها إلى أمواتهم ، فإن قيل : فرسول الله صلى الله عليه وسلم أرشدهم إلى الصوم والصدقة والحج ، دون القراءة ، قيل : هو صلى الله عليه وسلم لم يبتدئهم بذلك بل خرج ذلك منه ، مخرج الجواب لهم : فهذا سأله عن الحج عن ميته ، فأذن له وهذا سأله عن الصيام عنه ، فأذن له وهذا سأله عن الصدقة ، فأذن له. ولم يمنعهم مما سوى ذلك. وأي فرق بين وصول ثواب الصوم الذي هو مجرد نية وإمساك وبين وصول ثواب القراءة والذكر ؟ والقائل أن أحدا من السلف لم يفعل ذلك قائل ما لا علم له به ، فإن هذه شهادة على نفي ما لم يعلمه فما يدريه أن السلف كانوا يفعلون ذلك ، ولا يشهدون من حضرهم عليه ، بل يكفي إطلاع علام الغيوب على نياتهم ومقاصدهم ، لا سيما والتلفظ بنية الإهداء لا يشترط كما تقدم ، وسر المسألة : أن الثواب ملك للعامل ، فإذا تبرع به وأهداه إلى أخيه المسلم أوصله الله إليه. فما الذي خص من هذا الثواب قراءة القرءان؟ وحجر على أن يوصله إلى أخيه؟ وهذا عمل الناس حتى المنكرين؟ في سائر الأعصار والأمصار من غير نكير من العلماء اهـ. كلامه. وهو جيد مفيد وإليك بعض الآثار عن السلف في قراءة القرءان على الميت ، قال البيهقي في السنن : حدثنا أبو عبد الله الحافظ ثنا أبو العباس ابن يعقوب ثنا العباس بن محمد. قال : سألت يحيى بن معين عن القراءة عند القبر؟ فقال : حدثني مبشر بن إسماعيل الحلبي عن عبد الرحمن بن العلاء ابن اللجلاج ، عن أبيه ، قال لبينه : إذا أنا مت ، فضعوني في قبري ، وقولوا : بسم الله وعلى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وسنوا علي التراب سنًا ، ثم اقرأوا عند رأسي أول سورة البقرة وخاتمتها ، فإني رأيت ابن عمر يستحب ذلك. قال الحافظ ابن حجر في أمالي الأذكار : هذا موقوف حسن. وقال الحافظ عبد الحق في كتاب العاقبة : يروى أن عبد الله بن عمر ، أمر أن يقرأ عند قبره سورة البقرة وممن رأى ذلك عبد الرحمن بن العلاء. وقال الخلال في الجامع : كتاب القراءة عند القبور : أخبرنا العباس بن محمد الدوري ثنا يحيى بن معين ، وذكر الأثر الذي نقلناه عن البيهقي ءانفًا ثم نقل عن عباس الدوري قال : سألت أحمد بن حنبل. قلت ، تحفظ في القراءة على القبر شيئًا؟ قال ، لا وسألت يحيى بن معين ، فحدثني بهذا الحديث قال الخلال ، وأخبرني الحسن بن أحمد الوراق حدثني علي بن موسى الحداد -وكان صدوقًا- قال ، كنت مع أحمد بن حنبل ومحمد بن قدامة الجوهري في جنازة فلما دفن الميت ، جلس رجل ضرير يقرأ عند القبر. فقال له أحمد ، يا هذا إن القراءة عند القبر بدعة ، فلما خرجنا من المقابر ، قال محمد بن قدامة لأحمد بن حنبل ، يا أبا عبد الله ما تقول في مبشر الحلبي؟ قال : ثقة. قال كتبت عنه شيئًا؟ قال : نعم ، قال : فأخبرني مبشر عن عبد الرحمن بن العلاء بن اللجلاج عن أبيه : أنه وصى إذا دفن أن يقرأ عند رأسه بفاتحة البقرة وخاتمتها. وقال : سمعت ابن عمر يوصي بذلك ، فقال له أحمد فارجع وقل للرجل : " يقرأ" وقال الحسن بن الصباح الزعفراني سألت الشافعي عن القراءة عند القبر؟ فقال : لا بأس بها ومروى الخلال عن الشعبي ، قال : كانت الأنصار إذا مات لهم الميت اختلفوا إلى قبره يقرأون عنده القرءان ، وقال الخرائطي في كتاب القبور : سنة في الأنصار ، إذا حملوا الميت أن يقرأوا معه سورة البقرة اهـ. قال الخلال وأخبرني أبو يحيى الناقد ، قال : سمعت الحسن بن الجروي يقول : مررت على قبر أخت لي ، فقرأت عندها [ تبارك ]  لما يذكر فيها فجاءني رجل فقال : إني رأيت أختك في المنام ، تقول : " جزى الله أبا علي خيرًا ، فقد انتفعت بما قرأ" أخبرني الحسن بن الهيثم قال : سمعت أبا بكر بن الأطروش ابن بنت أبي نصر التمار يقول : كان رجل يجيء إلى قبر أمه يوم الجمعة. فيقرأ سورة يس فجاء في بعض أيامه فقرأ سورة يس ثم قال : اللهم إن كنت قسمت لهذه السورة ثوابًا ، فاجعله في أهل هذه المقابر. فلما كان في الجمعة التي تليها ، جاءته إمرأة فقالت : أنت فلان بن فلانة؟ قال : نعم ، قالت : إن بنتا لي ماتت ، فرأيتها في النوم جالسة على شفير قبرها فقلت : ما أجلسك هاهنا؟ قالت : إن فلان بن فلانة ، جاء إلى قبر أمه ، فقرأ سورة يس ، وجعل ثوابها لأهل المقابر ، فأصابنا من روح ذلك أو غفر لنا أو نحو ذلك اهـ ، قلت : يؤيد هذا ما رواه أحمد وأبو داود -والنسائي واللفظ له- وابن ماجه عن معقل بن يسار : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " قلب القرءان يس لا يقرأها رجل يريد الله والدار الآخرة إلا غفر له اقرأوها على موتاكم" صححه ابن حبان والحاكم وذكر ابن حبان : أن المراد بالموتى من حضره الموت ، ورجحه ابن القيم في كتاب الروح بوجوه لكن أخذ ابن الرفعة بظاهر الحديث ، فصحح أنها تقرأ بعد الموت. وذكر الشوكاني أن لفظ الموتى حقيقة فيمن مات ، ولا يعدل عن الحقيقة إلا بقرينة ، ولا مانع عندي من قراءتها على المحتضر ، ليتدبر ما فيها وعلى الميت لينفعه ثوابها وقال محمد بن أحمد المروزي : سمعت أحمد بن حنبل يقول : إذا دخلتم المقابر ، فأقرأوا بفاتحة الكتاب والمعوذتين وقل هو الله أحد ، واجعلوا ثواب ذلك لأهل المقابر ، فإنه يصل إليهم ، 
وقال النووي في الكلام على زيارة القبور من شرح المهذب : ويستحب أن يقرأ من القرءان ما تيسر ويدعو لهم عقبها. نص عليه الشافعي واتفق عليه الأصحاب اهـ. وقال في الأذكار في باب ما يقوله بعد الدفن؟ قال الشافعي والأصحاب : يستحب أن يقرأوا عنده شيئًا من القرءان ، قالوا : فإن ختموا القرءان كله كان حسنًا وروينا في سنن البيهقي بإسناد حسن : أن ابن عمر استحب أن يقرأ على القبر بعد الدفن أول سورة البقرة وخاتمتها اهـ ، وذكر الذهبي في تذكرة الحافظ ، في ترجمة الخطيب البغدادي : أنه لما توفي قرئ على قبره عدة ختمات فتبين مما أوردناه أمران ، [ الأول ] : أن النبي صلى الله عليه وسلم ، أرشد إلى قراءة القرءان على الميت ، و [ الثاني ] : أن القراءة عند القبر ، كانت معروفة عند السلف ، قال القرطبي في التذكرة ، وقد قيل : أن ثواب القراءة للقارئ ، وللميت ثواب الاستماع ولذلك تلحقه الرحمة ، قال تعالى : { وإذا قرئ القرءان فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون } ولا يبعد في كرم الله تعالى أن يلحقه ثواب القراءة والاستماع جميعًا ، ويلحقه ثواب ما [ يُهدى ]  إليه من قراءة القرءان وإن لم يسمعه ، كالصدقة والدعاء والاستغفار لما ذكرنا قلت لا يلحق الميت ثواب الاستماع لانقطاع تكليفه لكن يلحقه ثواب ما يهدي إليه ، رابع الأدلة : ما ذكره القرطبي ، حيث قال : وقد استدل بعض علمائنا على قراءة القرءان ، بحديث العسيب الرطب الذي شقه النبي صلى الله عليه وسلم باثنين ، ثم غرس على هذا واحدًا ، وعلى هذا واحدًا ثم قال : " لعله يخفف عنهما ما لم ييبسا" خرجه البخاري ومسلم. وفي مسند الطيالسي : فوضع على أحدهما نصفًا ، وعلى الآخر نصفًا وقال : " إنه يهوّن عليهما ما دام فيهما من بلوتهما شيء" قالوا : ويستفاد من هذا ، غرس الأشجار ، وقراءة القرءان على القبور ، وإذا خفف عنهم بالأشجار ، فكيف بقراءة الرجل المؤمن للقرآن؟ اهـ. وهذا قياس أولوي ، خامسها : صلاة الجنازة ، فإنها ما شرعت إلا لانتفاع الميت ، والاستشفاع له لما فيها من قراءة ودعاء واستغفار ، فإذا كان يصل إلى الميت ما تشمل عليه الصلاة من دعاء واستغفار ، فكذلك يصل إليه ما تشمل عليه من القرءان ، سواء بسواء والتفريق في العبادة الواحدة بين مشمولاتها ، تحكم غير مقبول ، ولم أر من سبقني إلى هذا الدليل ، وهو نص في الموضوع ، والله يقول الحق وهو يهدي السبيل ]] انتهى من مبحث توضيح البيان لوصول ثواب القرءان للسيد الحسيني عبد الله بن الصديق الغماري  
( المبحث الثاني ) : " مبحث وصول ثواب القرآن" من الموسوعة اليوسفية ، قال الشيخ يوسف خطار : [[ ( الأدلة النقلية والعقلية : (القياس) : عن سيدنا معقل بن يسار رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال(( يس قلب القرآن لا يقرؤها رجل يريد الله والدار الآخرة إلا غفر الله له اقرؤوها على موتاكم ))  [ أخرجه أبو داود (3121) وابن ماجه (1448) والنسائي في عمل اليوم والليلة (1074) وأحمد (5/26) والحاكم (1/565) والبغوي (1464) وابن أبي شيبة (3/237) والطبراني في الكبير (20 برقم 510) والبيهقي (3/383) وذكره السيوطي في الجامع الصغير (1344) ورمز ] ، والمراد من (موتاكم) أي الميتين حقيقة وليس المحتضرين وقال الشوكاني والمحب الطبري في شرح موتاكم الواردة في الحديث اللفظ نص في الأموات وتناوله للمحتضرين مجاز فلا يصار إليه إلا لقرينة [ نيل الأوطار (3/25) ] ، وحيث لا توجد قرينة تصرف ظاهر اللفظ عن حقيقته إلى المجاز فلا يصار إلى المجاز أي لتفسير كلمة (موتاكم) الواردة في الحديث بالمحتضرين لعدم القرينة الصارفة ويبقى معنى موتاكم الميتين حقيقة ومعلوم لدينا ان الأموات إنما هم أحياء في قبورهم يسمعون قراءتنا ودعاءنا وقد مر معنا التفصيل في هذا في باب التوسل والاستغاثة في بداية فصل التوسل بالأموات (المنتقلين ) فليراجع هناك ، عن عبد الرحمن بن العلاء بن اللجلاج عن أبيه قال لي أبي اللجلاج : (يا بني إذا أنا مت فالحد لي لحدا فإن وضعتني في لحدي فقل : بسم الله وعلى ملة رسول الله ثم سن التراب علي سنا ثم اقرأ عند رأسي بفاتحة البقرة وخاتمتها فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول ذلك) [ أخرجه الطبراني في الكبير (13613) وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد (2442) وقال رجاله موثوقون ] ، وقال البعض : إن هذا الحديث مرسل وإننا لو سلمنا أنه مرسل فجمهور الفقهاء والأصوليين نصوا على الاستدلال بالحديث المرسل ، قال ابن كثير في كتابه الباعث الحثيث : قال ابن الصلاح والاحتجاج بالمرسل مذهب مالك وأبي حنيفة وأصحابهما قلت : أي ابن كثير- وهو محكي عن الإمام أحمد بن حنبل في رواية [ الباعث الحثيث مصطلح الحديث ص 48 ] ، وقولهم مرسل : مردود لأن الحديث متصل وهذا سنده : قال الطبراني : حدثني الحسين بن إسحاق التستري ثنا علي بن حجر ثنا مبشر بن إسماعيل حدثني عبدالرحمن بن العلاء بن اللجلاج عن أ بيه قال أبي اللجلاج أبو خالد ( يا بني إذا أنا مت... الحديث) [ الرد المحكم المتين للشيخ عبدالله الصديق ص 283 ونصب الراية للزيلعي (2/302) ] ، واخرج الحافظ السيوطي وأبو القاسم في قواعده (من دخل المقبرة فقرأ الفاتحة وألهاكم التكاثر وقل هو الله أحد ثم قال : إني جعلت ثواب ما قرأته من كلامك لأهل القبور من المؤمنين والمؤمنات كانوا شفعاء له يوم القيامة) ، وعن سيدنا ابن عمر رضي الله عنه (يستحب أن يقرأ على القبر بعد الدفن أول سورة البقرة وخاتمتها) [ الأذكار للنووي ص 123 ] ، وعن سيدنا أبي الدرداء وأبي ذر رضي الله عنهما : ( ما من ميت يموت فتقرأ عنده يس إلا هون الله عليه) [ أخرجه الديلمي (6099) ] ، وعن أبي الشعثاء صاحب ابن عباس : أنه يستحب قراءة سورة الرعد وأن ذلك يخفف عن الميت وفيه عن الشعبي قال : كانت الأنصار يستحبون أن تقرأ عند الميت سورة البقرة [ ذكره الشوكاني في نيل الأوطار (3/25) وورد في  سبل السلام (2/91) ] ، وعن الإمام أحمد قال : حدثنا ابن المغيرة حدثنا صفوان قال : كانت المشيخة يقولون : إذا قرئت أي يس عن الميت خفف عنه بها [ تفسير ابن كثير (3/563) والتلخيص (2/104) ] ، 
[  مذهب السادة الشافعية ] : قال الحافظ السيوطي في شرح الصدور ما نصه : باب قراءة القرآن للميت أو على القبر اختلف في وصول ثواب القرآن للميت فجمهور السلف والأئمة الثلاثة قالوا بالوصول وخالف ذلك إمامنا الشافعي مستدلا بقوله تعالى { وأن ليس للإنسان إلا ما سعى } ثم أقر ذلك لقوله رحمه الله تعالى ... وأما القراءة على القبر فجزم بمشروعيتها أصحابنا وغيرهم قال الزعفراني : سألت الشافعي رحمه الله تعالى عن القراءة عند القبر؟ فقال : لا بأس بها قال الإمام النووي في كتابه رياض الصالحين (باب الدعاء للميت بعد دفنه) : قال الشافعي رحمه الله : ويستحب أن يقرأ عنده شيء من القرآن وإن ختموا القرآن عنده كان حسنا [ المجموع للنووي (5/294) ورياض الصالحين (947) ] ، وقال النووي رحمه الله في شرح المهذب : يستحب لزائر القبور أن يقرأ ما تيسر من القرآن ويدعو لهم عقبها نص عليه الشافعي واتفق عليه الأصحاب وزاد في موضع آخر : وإن ختموا القرآن على القبر كان أفضل ، وقال القرطبي : وقد استدل بعض علمائنا على قراءة القرآن على القبر بحديث : العسيب والرطب الذي شقه النبي صلى الله عليه وآله وسلم باثنين ثم غرس على قبر نصفا وعلى قبر نصفا وقال لعله يخفف عنهما ما لم ييبسا [ أخرجه البخاري (218) ومسلم (1675) ]  قال يستفاد من هذا غرس الأشجار وقراءة القرآن على القبور وإذا خفف عنهم بالأشجار فكيف بقراءة الرجل المؤمن القرآن ، وقال النووي : استحب العلماء قراءة القرآن عن القبر واستأنسوا لذلك بحديث الجريدتين وقالوا : إذا وصل النفع إلى الميت بتسبيحهما حال رطوبتهما فانتفاع الميت بقراءة القرآن عند قبره أولى  فإن قراءة القرآن من إنسان أعظم وأنفع من التسبيح من عود وقد نفع القرآن بعض من حصل له ضرر في حال الحياة فالميت كذلك ، قال ابن الرفعة : الذي دل عليه الخبر بالاستنباط أن بعض القرآن إذا قصد به نفع الميت وتخفيف ما هو فيه نفعه إذ ثبت أن الفاتحة لما قصد بها القارئ نفع الملدوغ نفعته وأقر النبي صلى الله عليه وآله وسلم ذلك بقوله (وما يدريك أنها رقية) [ أخرجه البخاري (2276) ومسلم (5697) ]  وإذا نفعت الحي بالقصد كان نفع الميت بها أولى [ المقالات السنية ص (170 -172) وإتحاف السادة المتقين (10/369) ]  وتبعه السبكي في ذلك ، وقال في شرح الروض في كتاب الإجارة فرع الإجارة للقراءة على القبر مدة معلومة أو قدرا معلوما جائزة للانتفاع بنزول الرحمة حين يقرأ القرآن ويكون الميت كالحي الحاضر سواء أعقب القرآن بالدعاء أو جعل أجر قراءته له أم لا فتعود منفعة القرآن إلى الميت في ذلك ولأن الدعاء يلحقه وهو بعدها أقرب إجابة وأكثر بكرة ولأنه إذا جعل أجره الحاصل بقراءته للميت فهو دعاء بحصول الأجر له فينتفع  به فقول الشافعي إن القراءة لا تصل إليه محمول على غير ذلك ، وقال الإمام النووي : عن القاضي حسين في الفتاوى أن الاستئجار لقراءة القرآن على رأس القبر مدة جائز كالاستئجار للأذان وتعليم القرآن واعلم أن عود المنفعة إلى المستأجر شرط فيجب عودها في هذه الإجارة إلى المستأجر أو الميت فالمستأجر لا ينتفع بقراءة غيره ومعلوم ان الميت لا يلحقه ثواب القراءة المجرد فالوجه تنزيل الاستئجار على صورة انتفاع الميت ذكر الشيخ عبدالكريم الشالوسي أنه إن نوى القارئ بقراءته أن يكون ثوابها للميت لم يلحقه وإن قرأ ثم جعل ما حصل من الأجر له فهذاء دعاء بحصول ذلك الأجر للميت فينتفع الميت ، قال النووي ظاهر كلام القاضي حسين صحة الإجارة مطلقا وهو المختار فإن موضع القراءة موضع بركة وبه تنزل الرحمة وهذا مقصود ينفع الميت والله اعلم[ روضة الطالبين للنووي (5/191) ] ، وفي الرملي على المنهاج في باب الوصايا : أن الدعاء بوصول ثواب القراءة للميت مقبول قطعا فإنه إذا كان مقبولا بما لاحق فيه للداعي فكيف بما لا حق فيه ولا عمل؟ أي فهو مقبول من باب أولى وقال ابن الصلاح وينبغي الجزم بنفع قوله اللهم أوصل ثواب ما قرأناه لأنه إذا نفعه الدعاء بما ليس للداعي فماله أولى ويجري هذا في سائر الأعمال وقال الشبرملسي على الرملي : إنه إن نوى ثواب قراءته أو دعا عقبها بحصول ثوابها للميت أو قرأ عند قبره حصل له ثواب القراءة وحصل للقارئ أيضا الثواب فإذا سقط ثواب القارئ لمسقط كأن غلب الباعث الدنيوي فينبغي أن لا يسقط مثله بالنسبة إلى الميت فيها إذا كانت القراءة بأجرة وينبغي أن تكفي نية القارئ الثواب للميت ولو لم يدع واختار السبكي وابن حجر والرملي وغيرهم جواز إهداء القراءة للنبي صلى الله عليه وآله وسلم قياسا على الصلاة عليه ، وفي شرح المنهاج لابن النحوي : والمختار الوصول إذا سأل الله إيصال ثواب قراءته وينبغي الجزم به لأنه دعا فإذا جاز الدعاء للميت بما ليس للداعي فلأن يجوز ما هو له أولى [ نيل الأوطار (4/105) سبل السلام (2/118 -119) ] ، وفي باب الإجارة من فتاوى شيخ الإسلام زكريا الأنصاري ما نصه : سئل عن إجارة من يقرأ لحي أو ميت بوصية أو نذر أو غيرهما ختمة هل يصح ذلك من غير تعيين زمان أو مكان أو لابد من التعيين حتى يمتنع ذلك فيمن أوصى بالقراءة ثم مات غريقا أو لا يعرف له قبر؟ وإذا قلتم بالأول فهل تصح الإجارة لقراءة قرآن بالتعيين المذكور أو لا؟ وإذا فرغ القارئ من القراءة فما صورة ما يدعو به؟ هل يقول : اللهم اجعل ثواب ما  قرأته لفلان أو مثل ثوابه؟ وهل يهديه أولا للأنبياء والصالحين ثم للمستأجر له أو يهديه أولا له ثم لهم؟ فأجاب : بأن الإجارة تصح لقراءة ختمة من غير تقدير بزمن وتصح قراء قرآن بتقدير ذلك سواء عين مكانا أم لا وقد افتى القاضي حسين بصحتها بقراءة القرآن على رأس القبر مدة كالإجارة للأذان وتعليم القرآن قال الرافعي والوجه تنزيله على ما ينفع المستأجر له إما بالدعاء عقب القراءة وهو بعدها أقرب إجابة وأكثر بركة وإما بجعل ما حصل من الأجر له والمختار كما قاله النووي صحة الإجارة مطلقا كما هو ظاهر كلام القاضي لأن محل القراء محل بركة وتنزل الرحمة وهذا مقصود بنفع المستأجر له وبذلك علم انه لا فرق بين القراءة على القبر وغيره وصورة ما يدعو به : اللهم اجعل مثل ثواب ذلك .... الخ إذ المعنى على مثل ثواب ذلك كما لو أوصى لزيد بنصيب ابنه فإنه يصح على معنى مثل نصيب ابنه ، وإن كان المعنى على ذلك فله أن يهدي ثواب ذلك للأنبياء والصالحين ثم للمستأجر له بل هو أولى لما فيه من التبرك بتقديم من يطلب بركته وهو أحب للمستأجر غالبا ، وقال العسقلاني عندما سئل عن وصول ثواب القراءة للميت ما يلي : هي مسالة مشهورة والحاصل ان اكثر المتقدمين من العلماء نصوا على الوصول وان المختار الوقف عن الجزم على المسالة مع استحباب عمله والإكثار منه [ الرسائل المنبرية (4/41) ] ، وقال العلامة الشربيني في تفسير قوله تعالى { وأن ليس للإنسان إلا ما سعى } [ سورة النجم الآية (39) ] ، ما يلي : وأن ليس للإنسان كائنا من كان إلا ما سعى فلابد أن يعلم الحق في أي جهة فيسعى فيه ودعاء المؤمنين للمؤمن من سعيه بموداته ولو بموفقته لهم في الدين فقط وكذا الحج عنه والصدقة ونحوها فكذلك وتضحية النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن أمته أصل كبير في ذلك فإن من تبعه واده وهو أصل في التصدق عن الغير وإهداء ماله من الثواب في القراءة ونحوها إليه وقال ابن عباس رضي الله عنهما هذا منسوخ الحكم في هذه الشريعة أي وإنما هو في صحف موسى وإبراهيم عليهما السلام بقوله { الحقنا بهم ذريتهم } [ سورة الطور الآية (219) ] فأدخل الأبناء الجنة بصلاح الآباء وقال عكرمة إن ذلك لقوم موسى وإبراهيم عليهما السلام أما هذه الأمة فلهم ما سعوا وما سعى لهم غيرهم لما يروى أن امرأة رفعت صبيا فقالت : يا رسول الله ألهذا حج فقال : (نعم ولك أجر)[ أخرجه مسلم (3241) وأبو داود (1736) والنسائي (2646) وأحمد (1/219) ومالك (1/422) ]  وقال رجل للنبي صلى الله عليه وآله وسلم إن أمي افتلتت نفسها[ افتلتت نفسها : ماتت وأراها بضم الهمزة أي أظنها ]  وأراها لو كلمت تصدقت فهل لها أجر إن تصدقت عنها؟ قال نعم " [ أخرجه البخاري (2760) ومسلم (2323)  ] ، وقال السيد الآلوسي في تفسير الآية السابقة ما نصه : (وقال بعض أجلة المحققين إنه ورد في الكتاب والسنة ما هو قطعي في حصول الانتفاع بعمل الغير وهو ينافي ظاهر الآية فتقيد بما لا يهنه العامل) ، وقال الشيخ محمد العربي معقبا على قول الآلوسي السابق : على أن المحققين من المفسرين قالوا : إن سعي غيره لما لم ينفعه إلا مبنيا على سعي نفسه (وهو أن يكون مؤمنا) كان سعي غيره كأنه سعي نفسه لكونه تابعا له وقائما بقيامه ولأن سعي غيره لا ينفعه إذا عمله لنفسه ولكن إذا نواه به فهو به فهو بحكم الشرع كالنائب عنه والوكيل القائم مقامه ، وقد قال تعالى { فما تنفعهم شفاعة الشافعين } [ سورة المدثر الآية (48) ]  ولو آمنوا لانتفعوا بشفاعة إخوانهم المؤمنين وكذلك سعي المؤمن لأخيه المؤمن لو لم يكن مؤمنا لا انتفع به فإيمانه هو سبب قبول شفاعة أخيه وسعيه وحيث إن إيمانه من سعيه وعليه ترتب قبول سعي غيره له دخل ذلك تحت نطاق قوله تعالى { وأن ليس للإنسان إلا ما سعى }[ سورة النجم الآية (39) ] ،  حيث قد سعى بإيمانه في قبول سعي الغير له ، ويدل على ذلك حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده[ وقد حقق ابن القيم في إعلام الموقعين صحة مسند عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ] : أن العاص بن وائل نذر في الجاهلية أن ينحر مائة بدنة وأن هشاما ابنه نحر عنه حصته خمسين وأن عمرا ابنه سأل النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن ذلك فقال له : (أما أبوك فلو كان أقر بالتوحيد فصمت وتصدقت عنه نفعه ذلك) [ أخرجه أحمد (2/182) ] 
[  مذهب السادة الحنفية  ] : قال العلامة المرغيناني في كتابه (الهداية) في أول باب الحج عن الغير ما نصه : (الأصل في هذا الباب أن الإنسان له أن يجعل ثواب عمله لغيره صلاة أو صوما أو صدقة أو غيرها عند أهل السنة والجماعة لما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم (أنه ضحى بكبشين أملحين أحدهما عن نفسه والآخر عن أمته ممن أقر بوحدانية الله وشهد له بالبلاغ) [ أخرجه أبو داود (2795) وأحمد (3/362) وأبو يعلى (ج3/1792) وذكره الهيثمي في المجمع (4/برقم 5969) ] ، وقال العلامة البدر العيني في شرحه على كنز الدقائق ما نصه : يصل إلى الميت جميع أنواع البر من صلاة أو صوم أو حج أو صدقة أو ذكر أو غير ذلك ، وقال العلامة الزيلعي في شرحه على الكنز أيضا في باب الحج عن الغير ما نصه : الأصل في هذا الباب أن الإنسان له أن يجعل ثواب عمله لغيره عند أهل السنة والجماعة صلاة كان أو صوما أو حجا أو صدقة أو قراءة قرآن أو الأذكار إلى غير ذلك من جميع أنواع البر ويصل ذلك إلى الميت وينفعه... فقد ورد في الأثر إن من البر بعد الموت أن تصلي لهما – أي الوالدين – مع صلاتك وأن تصوم لهما مع صومك ، وورد أيضا : من مر على المقابر وقرأ قل هو الله أحد إحدى عشرة مرة ثم وهب أجرهما للأموات أعطي من الأجر بعدد الأموات ، وورد : من دخل المقابر فقرأ سورة يس خفف عنهم يومئذ وكان له بعدد من فيها حسنات ، وورد أنه : يصل ثواب من يهدي اليهم ويفرحون به كما يفرح أحدكم بالطبق إذا أهدي إليه.؟ وعن معقل بن يسار رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : اقرؤوا على موتاكم سورة يس [ انظر نيل الأوطار للشوكاني (4/125) ] ، وعنه عليه الصلاة والسلام أنه ضحى بكبشين أملحين أحدهما عن نفسه والآخر عن أمته. [ أخرجه مسلم (5064) وأبو داود (2792) وأحمد (6/78) وقد تقدم تخريجه بلفظ مقارب ]  أي جعل ثوابه لأمته.وهذا تعليم منه عليه الصلاة والسلام ان الإنسان ينفعه عمل غيره والاقتداء به هو الاستمساك بالعروة الوثقى ، وعن سيدنا أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال : (( إن الله ليرفع الدرجة للعبد الصالح في الجنة فيقول : يا رب أنى لي هذه؟ فيقول : باستغفار ولدك لك ))  [ أخرجه الإمام أحمد رقم (10202) وقال ابن كثير في تفسيره : إنساده صحيح ] ، ولهذا قال تعالى { واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات } [ سورة محمد الآية (19) ]  وما أمر الله به من الدعاء للمؤمنين والاستغفار لهم وما ذكره في كتابه العزيز من استغفار الأنبياء والملائكة لهم حجة لنا عليهم لأن كل ذلك عمل الغير وأما قوله تعالى : { وأن ليس للإنسان إلا ما سعى } [ سورة النجم الآية (39) ]  فقد قال ابن عباس رضي الله عنهما إنها منسوخة بقوله تعالى { والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان } [ سورة الطور الآية (21) ]  وقيل هي خاصة بقوم موسى وإبراهيم عليهما الصلاة والسلام لأنه وقع حكاية عما في صحفهما بقوله تعالى { أم لم ينبأ بما في صحف موسى وإبراهيم الذي وفى } [ سورة النجم الآية (36 -37) ]  وقيل : أريد بالإنسان الكافر وأما المؤمن فله ما سعى له أخوه ، وقال ابن عابدين رحمه الله تعالى : صرح علماؤنا في باب الحج عن الغير بأن للإنسان أن يجعل ثواب عمله لغيره صلاة أو صوما أو صدقة أو غيرها واستدلوا بما روي عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (( وإذا تصدق بصدقة تطوعا فيجعلها عن أبويه فيكون لهما أجرها ولا ينقص من أجره شيئا ))  [ مسند أحمد بشرح البنا (8/101) ]  بل قال بعضهم : إن الأفضل لمن يتصدق نفلا أن ينوي لجميع المؤمنين والمؤمنات لأنها تصل اليهم ولا ينتقص من أجره شيء وهو مذهب أهل السنة والجماعة وقال أيضا والذي حرره المتأخرون من الشافعية وصول القراءة للميت إذا كانت بحضرته أو دُعي له عقيبها – ولو غائبا – لأن محل القراءة تنزل فيه الرحمة والبركة والدعاء عقبها أرجى للقبول ولهذا اختاروا في الدعاء : اللهم أوصل مثل ثواب ما قراءته إلى فلان وأما عند (الحنفية) فالواصل إليه الثواب نفسه ، وقال أيضا : وبهذا علم أنه لا فرق بين أن يكون المجعول له ميتا أو حيا والظاهر أنه لا فرق بين أن ينوي به عند الفعل للغير أو يفعله لنفسه ثم بعد ذلك يجعل ثوابه لغيره وروي عن عائشة رضي الله عنها أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال : يا رسول الله إن أمي افتُلِتت نفسها وأظنها لو تكلمت تصدقت أفلها أجر إن تصدقت عنها؟ قال : نعم ، وعن سيدنا بريدة رضي الله عنه قال : بينا أنا جالس عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذ أتته امرأة فقالت : إني تصدقت على أمي بجارية وإنها ماتت قال : فقال (( وجب أجرك ورجعت اليك في الميراث )) . قالت : يا رسول الله إنه كان عليها صوم شهر أفأصوم عنها؟ قال (( صومي عنها ))  قالت : إنها لم تحج قط أفأحج عنها؟ قال((  حجي عنها ))  [ أخرجه مسلم (2692) وأبو داود (1656) مختصرا ، والترمذي (667) مختصرا وابن ماجه (1759) مختصرا وأحمد (5/315) وانظر النووي في شرحه على مسلم (8/265 - 269) ]  وقال أيضا وفي شرح اللباب للملا علي القاري ثم من آداب الزيارة (أي زيارة القبور) ما قالوا أنه يأتي الزائر من قبل رجلي المتوفى لا من قبل رأسه لأنه أتعب لبصر الميت بخلاف الأول لأنه يكون مقابل بصره هذا إذا أمكنه وإلا فقد ثبت أنه صلى الله عليه وآله وسلم (قرأ أول سورة البقرة عند رأس الميت وآخرها عن رجليه)[ أخرجه الطبراني في الكبير (13613) وأورده الهيثمي في المجمع (4242) ] ، ويقرأ يس لما ورد (( من دخل المقابر فقرأ سورة يس خفف الله عنهم يومئذ وكان له بعدد من فيها من حسنات )) [ الحاشية (2/242) ] ،
[ مذهب السادة المالكية ] : قال القاضي عياض في شرحه على صحيح مسلم في حديث الجريدتين عند قوله صلى الله عليه وآله وسلم (( لعله يخفف عنهما مادامتا رطبتين ))  ما نصه : (أخذ العلماء من هذا الحديث استحباب قراءة القرآن على الميت لأنه إذا خفف عنه بتسبيح الجريدتين وهما جماد فقراءة القرآن أولى) ، وقال ابن رشد في كتابه النوازل ما نصه : (وإن قرأ الرجل وأهدى ثواب قراءته للميت جاز ذاك وحصل للميت أجره) ، وقال العلامة ابن الحاج في كتابه (المدخل) ما نصه : (لو قرأ في بيته وأهدى إليه لوصلت وكيفية وصولها : أنه إذا فرغ من تلاوته وهب ثوابها له أو قال : اللهم اجعل ثوابها له فإن ذلك دعاء بالثواب لأن يصل إلى أخيه والدعاء يصل بلا خلاف) ، وقال العلامة عبدالحق الإشبيلي في كتابه (العاقبة) ما نصه : (واعلم أن الميت كالحي فيما يعطاه ويهدى إليه بل الميت أكثر وأكثر لأن الحي قد يستقل ما يهدى إليه ويستحقر ما يتحف به والميت لا يستحقر شيئا من ذلك ولو كان مقدار جناح بعوضة أو وزن مثقال ذرة لأنه يعلم قيمته وقد كان يقدر عليه فضيعه وقد قال عليه الصلاة والسلام : (( إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية أو ولد صالح يدو له أو علم ينتفع به ))  [ أخرجه مسلم (4199) وأبو داود (2880) والترمذي (1376) والنسائي (3653) ] ، فهذا دعاء الولد يصل إلى والده وينتفع به وكذا أمره عليه الصلاة والسلام بالسلام على أهل القبور والدعاء لهم ما ذاك إلا لكون ذلك الدعاء لهم والسلام عليهم يصل اليهم ويأتيهم والله أعلم ، وورد في الأثر أن : الميت في قبره كالغريق ينتظر دعوة تلحقه من ابنه أو أخيه أو صديقه فإذا لحقته كانت أحب إليه من الدنيا وما فيها ، وقال صاحب كتاب مواهب الجليل ما نصه : ونقل ابن الفرات عن القرافي انه قال : الذي يتجه أنه لهم (الأموات) بركة القراءة كما يحصل لهم بركة الرجل الصالح يدفن عندهم أو يدفنون عنده ثم قال في مسألة وصول القراءة للميت ما نصه : وإن حصل الخلاف فيها فلا ينبغي إهمالها فلعل الحق هو الوصول[ مواهب الجليل (2/238) ]
[  مذهب السادة الحنابلة  ] : قال ابن تيمية رحمه الله تعالى : الأمر الذي كان معروفا بين المسلمين في القرون المفضلة أنهم كانوا يعبدون الله بأنواع العبادات المشروعة فرضها ونفلها من الصلاة والصيام والقراءة والذكر وغير ذلك وكانوا يدعون للمؤمنين والمؤمنات كما امر الله بذلك لأحيائهم وأمواتهم في صلاتهم على الجنازة وعند زيارة القبور وغير ذلك وروي عن طائفة من السلف : عند كل ختمة دعوة مجابة فإذا دعا الرجل عقيب الختم لنفسه ولوالديه ولمشايخه وغيرهم من المؤمنين والمؤمنات كان هذا من الجنس المشروع وكذلك دعاؤه لهم في قيام الليل وغير ذلك من مواطن الإجابة وقد صح عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه أمر بالصدقة عن الموتى من الأعمال الصالحة وكذلك ما جاءت به السنة في الصوم عنهم وبهذا وغيره احتج من قال من العلماء إنه يجوز إهداء ثواب العبادات المالية والبدنية إلى موتى المسلمين كما هو مذهب أحمد وأبي حنيفة وطائفة من أصحاب مالك والشافعي فإذا أهدي لميت ثواب صيام او صلاة أو قراءة جاز ذلك ، وقال رحمه الله تعالى أيضا : من اعتقد أن الإنسان لا ينتفع إلا بعمله فقد خرق الإجماع وذلك باطل من وجوه كثيرة : ( أحدها ) : ان الإنسان ينتفع بدعاء غيره وهو انتفاع بعمل الغير ، ( ثانيها ) : أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم يشفع لأهل الموقف في الحساب ثم لأهل الجنة في دخولها ثم لأهل الكبائر في الخروج من النار وهذا انتفاع بعمل الغير ، ( ثالثها ) : أن كل نبي وصالح له شفاعة وذلك انتفاع بعمل الغير ، ( رابعها ) : أن الملائكة يدعون ويستغفرون لمن في الأرض وذلك منفعة بعمل الغير ، ( خامسها ) : أن الله تعالى يخرج من النار من لم يعمل خيرا قط بمحض رحمته وهذا انتفاع بغير عملهم ، ( سادسها ) : أن أولاد المؤمنين يدخلون الجنة بعمل آبائهم وذلك انتفاع بمحض عمل الغير ، ( سابعها ) : قال تعالى في قصة الغلامين اليتيمين (وكان أبوهما صالحا) فانتفعا بصلاح أبيهما وليس هو من سعيهما ، ( ثامنها ) : أن الميت ينتفع بالصدقة عنه وبالعتق بنص السنة والإجماع وهو من عمل الغير ، ( تاسعها ) : أن الحج المفروض يسقط عن الميت بحج وليه بنص السنة وهو انتفاع بعمل الغير ، ( عاشرها ) : أن الحج المنذور أو الصوم المنذور يسقط عن الميت بعمل غيره بنص السنة وهو انتفاع بعمل الغير ، ( حادي عشرها ) : أن المدين الذي امتنع صلى الله عليه وآله وسلم من الصلاة عليه حتى قضى دينه أبو قتادة وقضى دين الآخر علي بن أبي طالب وانتفع بصلاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وبردت جلدته بقضاء دينه وهو من عمل الغير ، ( ثاني عشرها ) : أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال لمن صلى وحده (ألا رجل يتصدق على هذا فيصلي معه ) [ أخرجه أحمد (3/5) والترمذي (220) وأبو داود (574) والدارمي (1341) والحاكم (1/109) وصححه ووافقه الذهبي ]  فقد حصل له فضل الجماعة بفعل الغير ، ( ثالث عشرها ) : أن الإنسان تبرأ ذمته من ديون الخلق إذا قضاها قاض عنه وذلك انتفاع بعمل الغير ، ( رابع عشرها ) : أن من عليه تبعات ومظالم إذا حلل منها سقطت عنه وهذا انتفاع بعمل الغير ، ( خامس عشرها ) : أن الجار الصالح ينفع في المحيا والممات كما جاء في الأثر وهذا انتفاع بعمل الغير ، ( سادس عشرها ) : أن جليس أهل الذكر يرحم بهم وهو لم يكن منهم ولم يجلس لذلك بل لحاجة عرضت له والأعمال بالنبيات فقد انتفع بعمل غيره ، ( سابع عشرها ) : الصلاة على الميت والدعاء له في الصلاة انتفاع للميت بصلاة الحي عليه وهو عمل غيره ، ( ثامن عشرها ) : أن الجمعة تحصل باجتماع العدد وكذلك الجماعة بكثرة العدد وهو انتفاع للبعض بالبعض ، ( تاسع عشرها ) : أن الله قال لنبيه صلى الله عليه وآله وسلم { وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم }[ سورة الأنفال الآية (33) ]  وقال تعالى { ولولا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات }[ سورة الفتح الآية (25) ]  { ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض } [ سورة الحج الآية (40) ]  فقد دفع الله تعالى العذاب عن بعض الناس بسبب بعض وذلك انتفاع بعمل الغير ، ( عشرونها ) : أن صدقة الفطر تجب على الصغير وغيره ممن يمونه الرجل فينتفع بذلك من يخرج عنه ولا سعي له ، ( حادي عشرينها ) : أن الزكاة تجب في مال الصبي والمجنون ويثاب على ذلك ولا سعي له ومن تأمل العلم وجد من انتفاع الإنسان بما لم يعمله ما لا يكاد يحصى فكيف يجوز أن تتأول الآية على خلاف صريح الكتاب والسنة وإجماع الأمة والمراد بالإنسان العموم [ إسعاف المسلمين والمسلمات ص (50 -53) وحاشية الصاوي على تفسير الجلالين (6/28) ] ، 
وقال الشيخ ابن القيم في كتاب الروح ما نصه : وقد ذكر عن جماعة من السلف أنهم أوصوا أن يقرأ عند قبورهم وقت الدفن قال عبدالحق : يروى أن عبدالله ابن عمر أمر أن يقرأ عند قبره سورة البقرة وكان الإمام أحمد ينكر ذلك أولا حيث لم يبلغه فيه أثر ثم رجع وقال الخلال في كتاب الجامع : القراءة عند القبور عن عبدالرحمن بن العلاء بن اللجلاج عن أبيه قال : قال أبي إذا أنا مت فضعني في اللحد وقل : بسم الله وعلى سنة رسول الله وسن علي التراب سنا واقرأ عند رأسي بفاتحة البقرة وخاتمتها فإني سمعت عبدالله بن عمر يقول ذلك قال عباس الدوري : سألت أحمد بن حنبل قلت تحفظ في القراءة عند القبر شيئا فقال : لا وسألت يحيى بن معين فحدثني بهذا الحديث قال الخلال : وأخبرني الحسن بن أحمد الوارق حدثني علي بن موسى الحداد وكان صدوقا قال : كنت مع أحمد بن حنبل ومحمد بن قدامة الجوهري في جنازة فلما دفن الميت جلس رجل ضرير يقرأ عند القبر فقال له أحمد : يا هذا إن القراءة عند القبر بدعة فلما خرجا من المقابر قال محمد بن قدامة لأحمد بن حنبل : يا أبا عبدالله ما تقول في مبشر الحلبي؟ قال : ثقة قال : كتبت عنه شيئا؟ قال نعم قال : فأخبرني مبشر عن عبدالرحمن بن اللجلاج عن أبيه أنه أوصى إذا دفن أن يقرأ عند رأسه بفاتحة البقرة وخاتمتها وقال سمعت ابن عمر يوصي بذلك فقال له أحمد : فارجع وقل للرجل يقرأ (وورد مرفوعا في بداية الباب) ، وذكر الخلال عن الشعبي قال : كانت الأنصار إذا مات لهم الميت اختلفوا إلى قبره يقرؤون عنده القرآن ، وعزا رحمه الله وصول ثواب العبادات البدنية للميت كالصلاة والصوم وقراءة القرآن والذكر للإمام أحمد وجمهور السلف وعدم الوصول إلى أهل البدع من علماء الكلام ، وقال رحمه الله وصول ثواب العبادات البدنية للميت كالصلاة والصوم وقراءة القرآن والذكر للإمام أحمد وجمهور السلف وعدم الوصول إلى أهل البدع من علماء الكلام ، وقال رحمه الله أيضا في جواب عن قوله تعالى : { وأن ليس للإنسان إلا ما سعى } [ سورة النجم الآية (39) ] ، ما لفظه : وقالت طائفة أخرى : القرآن لم ينف انتفاع الرجل بسعي غيره وإنما نفى ملكه لغير سعيه وبين الأمرين من الفرق مالا يخفى [ فقد يسكنك صديقك في داره بلا أجر فقد انتفعت بما ليس لك فإن ادعيت ملكيتها وأنها لك فهذا كذب وخطأ وبهذا يتضح أن انتفاعك بما لا تملك قد يصح وبخلاف دعوى المالكية من غير سعيك فإنه لا يصح ] ، وأخبر تعالى أنه لا يملك إلا سعيه وأما سعي غيره فملك لساعيه فإن شاء أن يبذله لغيره وإن شاء أبقاه لنفسه وهو سبحانه لم يقل لا ينتفع إلا بما سعى وكان ابن تيمية يختار هذه الطريقة ويرجحها ، وقال رحمه الله في الجواب على شبه المانعين ما نصه : فصل وأما استدلالكم بقوله صلى الله عليه وآله وسلم (إذا مات العبد انقطع عمله) ، فالاستدلال ساقط لأنه صلى الله عليه وآله وسلم لم يقل انقطع انتفاعه وإنما أخبر عن انقطاع عمله وأما عمل غيره فهو لعامله فإن وهبه له فقد وصل إليه ثواب عمل العامل لا ثواب عمله هو فالمنقطع شيء والواصل إليه شيء آخر ، وقال رحمه الله أيضا : وأما قراءة القرآن وإهداؤها له تطوعا بغير أجرة فهذا يصل إليه كما يصل ثواب الصوم والحج فإن قيل فهذا لم يكن معروفا في السلف ولا يمكن نقله عن واحد منهم مع شدة حرصهم على الخير ولا ارشدهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم إليه وقد أرشدهم إلى الدعاء والاستغفار والصدقة والحج والصيام فلو كان ثواب القراءة يصل لأرشدهم إليه ولكانوا يفعلونه : فالجواب أن مورد هذا السؤال إن كان معترفا بوصول ثواب الحج والصيام والدعاء والاستغفار قيل له : ما هذه الخاصية التي منعت وصول ثواب القرآن واقتضت وصول ثواب هذه الأعمال؟ وهل هذا الا تفريق بين المتماثلات؟ وإن لم يعترف بوصول تلك الأشياء إلى الميت فهو محجوج بالكتاب والسنة والإجماع وقواعد الشرع (وقد مرت معنا الأدلة واضحة جلية) ، ثم إنه صلى الله عليه وآله وسلم لم يبتدئهم بذلك بل خرج ذلك منه مخرج الجواب لهم فهذا سأله عن الحج عن ميته فأذن له وهذا سأله عن الصيام عنه فأذن له وهذا سأله عن الصدقة فأذن له ولم يمنعهم مما سوى ذلك وأي فرق بين وصول ثواب الصوم الذي هو مجرد نية وإمساك وبين وصول ثواب القراءة والذكر؟ وقال رحمه الله ما نصه : وهذا عمل الناس حتى المنكرين في سائر الأعصار والأمصار من غير نكير من العلماء أهـ ، وقال الشيخ الإمام أبو محمد بن قدامة المقدسي في آخر كتاب الجنائز من (مغنيه) ما نصه : لا بأس بالقراءة عند القبر وقد روى عن أحمد أنه قال : (إذا دخلتم المقابر فاقرؤوا آية الكرسي وثلاث مرات قل هو الله أحد ثم قل : اللهم إن فضله لأهل المقابر) ، وقال الخلال : حدثني أبو علي الحسن بن الهيثم البزار شيخنا الثقة المأمون قال : رأيت أحمد بن حنبل يصلي خلف ضرير يقرأ على القبور وقد ورد في الأثر أنه من دخل المقابر فقرأ سورة يس خفف عنهم يؤمئذ وكان له بعدد من فيها حسنات وورد أيضا أنه (( من زار والديه فقرأ عنده أو عندهما يس غفر له ))  ثم قال : فصل : وأي قربة فعلها وجعل ثوابها للميت المسلم نفعه ذلك إن شاء الله تعالى ، أما الدعاء والاستغفار والصدقة وأداء الواجبات فلا أعلم فيه خلافا إذا كانت الواجبات مما تدخله النبيابة وقد قال تعالى { والذين جاؤوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان } [ سورة الحشر الآية (10) ]  وقال تعالى { واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات } [ سورة محمد الآية (19) ]  ودعا النبي صلى الله عليه وآله وسلم لأبي سلمة حين مات وللميت الذي صلى عليه في حديث عوف بن مالك ولكل ميت صلى عليه وسأل رجل النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال : يا رسول الله إن أمي ماتت أفينفعها إن تصدقت عنها؟ قال (( نعم ))  ، وروي ذلك عن سعد بن عبادة رضي الله عنه وجاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقالت : يا رسول الله إن فريضة الله على عباده في الحج أدركت أبي شيخا كبيرا لا يستطيع أن يثبت على الراحلة أفأحج عنه؟ قال : (( نعم ))  [ أخرجه البخاري (1513) ومسلم (2238) ] ، وقال للذي سأله : إن أمي ماتت وعليها صوم شهر أفأصوم عنها ؟ قال (( نعم ))  [ أخرجه البخاري (1953) ومسلم (688) ]  وهذه أحاديث صحاح وفيها دلالة على انتفاع الميت بسائر القرب لأن الصوم والحج والدعاء والاستغفار عبادة بدنية وقد أوصل نفعها إلى الميت وكذلك ما سواها مع ما ذكرنا من الحديث في ثواب من قرأ يس وتخفيف الله تعالى عن أهل المقابر بقراءته وروى عمرو بن شعيب عن ابيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال لعمرو بن العاص (لو كان أبوك مسلما فأعتقتم أو تصدقتم عنه أو حججتم عنه بلغه ذلك) وهذا عام في حج التطوع وغيره ولأنه عمل بر وطاعة فوصل نفعه وثوابه كالصدقة والصيام والحج الواجب ثم قال : والدليل لنا ما ذكرناه وأنه إجماع المسلمين فإنهم في كل عصر ومصر يجتمعون ويقرؤون القرآن ويهدون ثوابه إلى موتاهم من غير نكير ولأن الحديث صح عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم (( إن الميت يعذب ببكاء أهله عليه ))  [ أخرجه البخاري (1286) ومسلم (1446) ]  والله أكرم من أن يوصل عقوبة المعصية إليه ويحجب عنه الثواب. أهـ ،
وقال صاحب الروض المربع شرح زاد المستنقع ما نصه : ولا تكره القراءة على القبر .. ، وصح عن ابن عمر (أنه أوصى إذا دفن أن يقرأ عنده بفاتحة البقرة وخاتمتها) ثم قال : وأي قربة من دعاء واستغفار وصلاة وصوم وحج وقراءة وغير ذلك فعلها مسلم وجعل ثوابها لميت مسلم أوحي نفعه ، قال أحمد : (الميت يصل إليه كل شيء من الخير للنصوص الواردة فيه) ، وذكره المجد وغيره حتى ولو أهداها للنبي صلى الله عليه وآله وسلم جاز ووصل إليه ثوابها [ الروض المربع (1/153) ] ، وقال الشيخ محمد المنبجي الحنبلي في كتابه (تسلية أهل المصائب) : أما احتجاج بعض من خالف من اصحاب الشافعي ومالك بهذه الآية : { وأن ليس للإنسان إلا ما سعى } [ سورة النجم الآية (39) ]  على أن الميت لا ينتفع بثواب من سعي غيره لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال : (( إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث : صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له ))  ، قالوا : لأن نفع العبادة لا يتعدى فاعلها. فيقال لهم : قد ثبت بالسنة المتواترة وإجماع الأمة أن الميت يصلى عليه ويدعى له ويستغفر له وهذا من سعي غيره ، والرد بالنسبة للآية : روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن الآية منسوخة بقوله تعالى { والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريهم } [ سورة الطور الآية (21) ]  فأدخل الأبناء بصلاح الآباء ، ولا خلاف بين العلماء في مشروعية تلقين من حضره الموت لا إله إلا الله للحديث الصحيح (( لقنوا موتاكم لا إله إلا الله ))  وأما تلقينه بعد الدفن على القبر فاستحبه الشافعية والأكثر من الحنابلة والمحققون من الحنفية والمالكية لحديث أبي أمامة ، وقال المحقق ابن الهمام : ولا مانع من حمل موتاكم في الحديث الصحيح على حقيقته فيشمل التلقين على القبر وهذا نص كيفية التلقين : عن أبي أمامة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال : (( إذا مات أحد من إخوانكم فسويتم عليها التراب فليقم أحدكم على رأس القبر ثم ليقل : يا فلان بن فلانة فإنه يسمع ولا يجيب ثم يقول : يا فلان بن فلانة فإنه يستوي قاعدا ثم يقول : يا فلان بن فلانة فإنه يقول : أرشدنا رحمك الله ولكن لا تشعرون فليقل : اذكر ما خرجت عليه من الدنيا شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله وانك رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد نبيا وبالقرآن إماما فإن منكرا ونكيرا يأخذ كل واحد منهما بيد صاحبه ويقول : انطلق بنا ما نقعد عند من لقن حجته فيكون الله حجيجه دونهما قال رجل : يا رسول الله فإن لم يعرف أمه؟ قال : (ينسبه إلى حواء – يا فلان بن حواء) [ أخرجه الطبراني في الكبير (7979) والهيثمي في المجمع (4248) وقال الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير (2/135) إسناده صالح وقد قواه الضياء في أحكامه ونقل الكلام الحافظ ابن حجر عن الإمام النووي في المجموع ج5 ص243 ]  وقالوا : ويكون تلقينه بعد انصراف المشيعين بصوت بين الجهر والإسرار والله أعلم ، والحمد لله رب العالمين ]] انتهى من مبحث وصول ثواب القرآن من الموسوعة اليوسفية للشيخ المدقق يوسف خطار ،  تمت الفتوى بأدلتها ، وخلاصة الفتوى : أنّه لا مانع من قراءة القرآن على الميت ولا مانع من وصول ثواب القراءة إلى الميت ، والأولى لمن يهدى قراءة القرآن أن يقول عقب القراءة : اللهم إني أهدي ثواب القراءة إلى الميت ، وهذا قول جمهور  الفقهاء ، وهو القول الراجح في المسألة واللّه أعلم ، ( تنبيه ) : قراءة القرءان على الميت ، من المسائل الفقهية الفرعية المختلف فيها بين العلماء ، وجمهور الفقهاء لاسيما المتأخرين على جوازها ، وهي ليست من مسائل العقيدة ولا من مسائل الأصول حتى يُيدع فاعلها ، وحتى تُعقد الألوية على الولاء والبراء من أجلها ، والمبالغة في إنكارها ، كما أنّه لم يأت دليل يحرم قراءة القرءان على الميت ، لا من القرءان ولا من السنة ولا صرح به أحد من أئمة المذاهب ، فلا يصح التنطع في المسألة ، ولا تبديع المخالف ، بل قصاراه  أن يراعي الخلاف في المسألة ، وأن يراعي الدلائل التي أتى بها المخالفون ، وهم جمهور الفقهاء ، وأن يحكي القولين ويرجح ما يراه راجحًا ، من غير تشنيع ولا تهويل ، لكن الإنصاف عزيز نسأل الله تعالى السلامة ،

0 comments: