وَرُوِيَ
عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: الْقِرَاءَةُ عِنْدَ الْقَبْرِ بِدْعَةٌ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ
هُشَيْمٍ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: نَقَلَ ذَلِكَ عَنْ أَحْمَدَ جَمَاعَةٌ، ثُمَّ رَجَعَ
رُجُوعًا أَبَانَ بِهِ عَنْ نَفْسِهِ، فَرَوَى جَمَاعَةٌ أَنَّ أَحْمَدَ نَهَى ضَرِيرًا
أَنْ يَقْرَأَ عِنْدَ الْقَبْرِ، وَقَالَ لَهُ: إنَّ الْقِرَاءَةَ عِنْدَ الْقَبْرِ
بِدْعَةٌ. فَقَالَ لَهُ مُحَمَّدُ بْنُ قُدَامَةَ الْجَوْهَرِيُّ: يَا أَبَا عَبْدِ
اللَّهِ: مَا تَقُولُ فِي مُبَشِّرٍ الْحَلَبِيِّ؟ قَالَ: ثِقَةٌ.
قَالَ:
فَأَخْبَرَنِي مُبَشِّرٌ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ أَوْصَى إذَا دُفِنَ يُقْرَأُ عِنْدَهُ
بِفَاتِحَةِ الْبَقَرَةِ وَخَاتِمَتِهَا، وَقَالَ: سَمِعْت ابْنَ عُمَرَ يُوصِي بِذَلِكَ.
قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: فَارْجِعْ فَقُلْ لِلرَّجُلِ يَقْرَأُ
جزاك
الله خيرا أخي طاب الخاطر على ماتفضلت به و رحم الله والدنا سماحة الشيخ عبدالعزيز
ابن باز رحمه الله و جعل ماقدمه للأمة في ميزان
حسناته
وحسنات جميع المسلمين .... وقد كثر الكلام على وصول الأجر للميت بين العلماء و للإنصاف
و إقامة العدل سأذكر بعض من الأحاديث
و
الآثار التي تبين صحة ماورد عن وصول الأجر للميت عند بعض العلماء من السلف الصالح
...
روي
أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال كان لي أبوان أبرهما حال حياتهما فكيف لي
ببرهما بعد موتهما فقال له عليه الصلاة
والسلام
: ﴿ إن من البر بعد الموت أن تصلي لهما مع صلاتك وأن تصوم لهما مع صومك ﴾[رواه الدار
قطني] .
وعن
علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ﴿ من مر على المقابر وقرأ قل هو
الله أحد إحدى عشرة مرة ثم وهب أجرها
للأموات
أعطي من الأجر بعدد الأموات ﴾[رواه الدار قطني] .
وعن
ابن عمر رضي الله عنه (يستحب أن يقرأ على القبر بعد الدفن أول سورة البقرة وخاتمتها)
الأذكار للنووي ص 123.
و
نتجه إلى أقوال علماء الشافعية رحمهم الله تعالى في هذا الباب :
قال
الحافظ السيوطي في شرح الصدور ما نصه: باب قراءة القرآن للميت أو على القبر اختلف في
وصول ثواب القرآن للميت فجمهور
السلف
والأئمة الثلاثة قالوا بالوصول وخالف ذلك إمامنا الشافعي مستدلا بقوله تعالى ﴿وأن ليس
للإنسان إلا ما سعى﴾ ثم أقر ذلك لقوله
رحمه
الله تعالى ... وأما القراءة على القبر فجزم بمشروعيتها أصحابنا وغيرهم قال الزعفراني:
سألت الشافعي رحمه الله تعالى عن القراءة
عند
القبر؟ فقال: لا بأس بها قال الإمام النووي في كتابه رياض الصالحين (باب الدعاء للميت
بعد دفنه): قال الشافعي رحمه الله: ويستحب أن
يقرأ
عنده شيء من القرآن وإن ختموا القرآن عنده كان حسنا ... المجموع للنووي (5/294) ورياض
الصالحين (947).
وقال
القرطبي: وقد استدل بعض علمائنا على قراءة القرآن على القبر بحديث: العسيب والرطب الذي
شقه النبي صلى الله عليه
وآله
وسلم باثنين ثم غرس على قبر نصفا وعلى قبر نصفا وقال لعله يخفف عنهما ما لم ييبسا
... أخرجه البخاري (218)
وملم
(1675) وأبو داود (20) والترمذي (709 والنسائي (31) وابن ماجه (347) وأحمد (1/225)
وابن أبي شيبة
(3/375)
والبيهقي في السنن (1/104) وابن خزيمة (56) والدارمي (739) وعبد بن حميد (620) ...
قال
يستفاد من هذا غرس الأشجار وقراءة القرآن على القبور وإذا خفف عنهم بالأشجار فكيف بقراءة
الرجل المؤمن القرآن.
وقال
النووي : استحب العلماء قراءة القرآن عن القبر واستأنسوا لذلك بحديث الجريدتين وقالوا
: إذا وصل النفع إلى الميت بتسبيحهما حال
رطوبتهما
فانتفاع الميت بقراءة القرآن عند قبره أولى فإن قراءة القرآن من إنسان أعظم وأنفع من
التسبيح من عود وقد نفع
القرآن
بعض من حصل له ضرر في حال الحياة فالميت كذلك...
و
هناك أقوال كثيرة عند السادة الشافعية و لكني أكتفي بهذا القدر ...
أما
عند مذهب علماء الأحناف في ذلك ...
فقد
قال العلامة المرغيناني في كتابه (الهداية) في أول باب الحج عن الغير ما نصه: (الأصل
في هذا الباب أن الإنسان له أن يجعل ثواب
عمله
لغيره صلاة أو صوما أو صدقة أو غيرها عند أهل السنة والجماعة لما روي عن النبي صلى
الله عليه وآله وسلم (أنه
ضحى
بكبشين أملحين أحدهما عن نفسه والآخر عن أمته ممن أقر بوحدانية الله وشهد له بالبلاغ)
أخرجه أبو داود (2795)
وأحمد
(3/362) وأبو يعلى (ج3/1792) وذكره الهيثمي في المجمع (4/برقم 5969).
وقال
العلامة البدر العيني في شرحه على كنز الدقائق ما نصه: يصل إلى الميت جميع أنواع البر
من صلاة أو صوم أو حج أو صدقة أو ذكر أو غير ذلك ...
وعن
سيدنا أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: ((إن الله ليرفع
الدرجة للعبد الصالح في الجنة
فيقول:
يا رب أنى لي هذه؟ فيقول: باستغفار ولدك لك )) أخرجه الإمام أحمد رقم (10202) وقال
ابن كثير في تفسيره : إنساده صحيح.
و
هناك غيره الكثير و أكتفي بذلك ...
أما
عند مذهب علماء المالكية رحمهم الله تعالى ...
قال
ابن رشد في كتابه النوازل ما نصه : (وإن قرأ الرجل وأهدى ثواب قراءته للميت جاز ذاك
وحصل للميت أجره).
وقال
العلامة ابن الحاج في كتابه (المدخل) ما نصه: (لو قرأ في بيته وأهدى إليه لوصلت وكيفية
وصولها: أنه إذا فرغ من تلاوته وهب ثوابها له أو قال: اللهم اجعل ثوابها له فإن ذلك
دعاء بالثواب لأن يصل إلى أخيه والدعاء يصل بلا خلاف).
أما
عند مذهب علماء الحنابلة رحمهم الله تعالى في ذلك ...
قال
ابن تيمية رحمه الله تعالى: الأمر الذي كان معروفا بين المسلمين في القرون المفضلة
أنهم كانوا يعبدون الله بأنواع العبادات المشروعة فرضها ونفلها من الصلاة والصيام والقراءة
والذكر وغير ذلك وكانوا يدعون للمؤمنين والمؤمنات كما امر الله بذلك لأحيائهم وأمواتهم
في صلاتهم على الجنازة وعند زيارة القبور وغير ذلك وروي عن طائفة من السلف: عند كل
ختمة دعوة مجابة فإذا دعا الرجل عقيب الختم لنفسه ولوالديه ولمشايخه وغيرهم من المؤمنين
والمؤمنات كان هذا من الجنس
المشروع
وكذلك دعاؤه لهم في قيام الليل وغير ذلك من مواطن الإجابة وقد صح عن النبي صلى الله
عليه وآله وسلم أنه أمر
بالصدقة
عن الموتى من الأعمال الصالحة وكذلك ما جاءت به السنة في الصوم عنهم وبهذا وغيره احتج
من قال من العلماء
إنه
يجوز إهداء ثواب العبادات المالية والبدنية إلى موتى المسلمين كما هو مذهب أحمد وأبي
حنيفة وطائفة من أصحاب مالك
والشافعي
فإذا أهدي لميت ثواب صيام او صلاة أو قراءة جاز ذلك ...
وقال
رحمه الله تعالى أيضا: من اعتقد أن الإنسان لا ينتفع إلا بعمله فقد خرق الإجماع وذلك
باطل من وجوه كثيرة:
أحدها:
أن الإنسان ينتفع بدعاء غيره وهو انتفاع بعمل الغير.
ثانيها:
أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم يشفع لأهل الموقف في الحساب ثم لأهل الجنة في دخولها
ثم لأهل الكبائر في
الخروج
من النار وهذا انتفاع بعمل الغير.
ثالثها:
أن كل نبي وصالح له شفاعة وذلك انتفاع بعمل الغير.
رابعها:
أن الملائكة يدعون ويستغفرون لمن في الأرض وذلك منفعة بعمل الغير.
خامسها:
أن الله تعالى يخرج من النار من لم يعمل خيرا قط بمحض رحمته وهذا انتفاع بغير عملهم.
سادسها:
أن أولاد المؤمنين يدخلون الجنة بعمل آبائهم وذلك انتفاع بمحض عمل الغير.
سابعها:
قال تعالى في قصة الغلامين اليتيمين (وكان أبوهما صالحا) فانتفعا بصلاح أبيهما وليس
هو من سعيهما.
ثامنها:
أن الميت ينتفع بالصدقة عنه وبالعتق بنص السنة والإجماع وهو من عمل الغير.
تاسعها:
أن الحج المفروض يسقط عن الميت بحج وليه بنص السنة وهو انتفاع بعمل الغير.
عاشرها:
أن الحج المنذور أو الصوم المنذور يسقط عن الميت بعمل غيره بنص السنة وهو انتفاع بعمل
الغير.
حادي
عشرها: أن المدين الذي امتنع صلى الله عليه وآله وسلم من الصلاة عليه حتى قضى دينه
أبو قتادة وقضى دين الآخر
علي
بن أبي طالب وانتفع بصلاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وبردت جلدته بقضاء دينه وهو
من عمل الغير.
ثاني
عشرها: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال لمن صلى وحده (ألا رجل يتصدق على هذا
فيصلي معه ) أخرجه أحمد
(3/5)
والترمذي (220) وأبو داود (574) والدارمي (1341) وأبو يعلى (1057) والحاكم (1/109)
وصححه ووافقه
الذهبي
... فقد حصل له فضل الجماعة بفعل الغير.
ثالث
عشرها: أن الإنسان تبرأ ذمته من ديون الخلق إذا قضاها قاض عنه وذلك انتفاع بعمل الغير.
رابع
عشرها: أن من عليه تبعات ومظالم إذا حلل منها سقطت عنه وهذا انتفاع بعمل الغير.
خامس
عشرها: أن الجار الصالح ينفع في المحيا والممات كما جاء في الأثر وهذا انتفاع بعمل
الغير.
سادس
عشرها: أن جليس أهل الذكر يرحم بهم وهو لم يكن منهم ولم يجلس لذلك بل لحاجة عرضت له
والأعمال بالنبيات فقد
انتفع
بعمل غيره.
سابع
عشرها: الصلاة على الميت والدعاء له في الصلاة انتفاع للميت بصلاة الحي عليه وهو عمل
غيره.
ثامن
عشرها: أن الجمعة تحصل باجتماع العدد وكذلك الجماعة بكثرة العدد وهو انتفاع للبعض بالبعض.
تاسع
عشرها: أن الله قال لنبيه صلى الله عليه وآله وسلم ﴿وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم﴾
سورة الأنفال الآية (33). وقال
تعالى
﴿ولولا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات﴾ سورة الفتح الآية (25). ﴿ولولا دفع الله الناس بعضهم
ببعض﴾ سورة الحج الآية
(40)
فقد دفع الله تعالى العذاب عن بعض الناس بسبب بعض وذلك انتفاع بعمل الغير.
عشرونها:
أن صدقة الفطر تجب على الصغير وغيره ممن يمونه الرجل فينتفع بذلك من يخرج عنه ولا سعي
له.
حادي
عشرينها: أن الزكاة تجب في مال الصبي والمجنون ويثاب على ذلك ولا سعي له ومن تأمل العلم
وجد من انتفاع الإنسان بما لم يعمله
ما
لا يكاد يحصى فكيف يجوز أن تتأول الآية على خلاف صريح الكتاب والسنة وإجماع الأمة والمراد
بالإنسان العموم ... إسعاف
المسلمين
والمسلمات ص (50 -53) وحاشية الصاوي على تفسير الجلالين (6/28)
وقال
الشيخ ابن القيم في كتاب الروح ما نصه: وقد ذكر عن جماعة من السلف أنهم أوصوا أن يقرأ
عند قبورهم وقت الدفن قال عبدالحق:
يروى
أن عبدالله ابن عمر أمر أن يقرأ عند قبره سورة البقرة وكان الإمام أحمد ينكر ذلك أولا
حيث لم يبلغه فيه أثر ثم رجع وقال الخلال في
كتاب
الجامع : القراءة عند القبور عن عبدالرحمن بن العلاء بن اللجلاج عن أبيه قال: قال أبي
إذا أنا مت فضعني في اللحد وقل: بسم الله
وعلى
سنة رسول الله وسن علي التراب سنا واقرأ عند رأسي بفاتحة البقرة وخاتمتها فإني سمعت
عبدالله بن عمر يقول ذلك قال عباس
الدوري
: سألت أحمد بن حنبل قلت تحفظ في القراءة عند القبر شيئا فقال : لا وسألت يحيى بن معين
فحدثني بهذا الحديث قال الخلال:
وأخبرني
الحسن بن أحمد الوارق حدثني علي بن موسى الحداد وكان صدوقا قال: كنت مع أحمد بن حنبل
ومحمد بن قدامة الجوهري في
جنازة
فلما دفن الميت جلس رجل ضرير يقرأ عند القبر فقال له أحمد: يا هذا إن القراءة عند القبر
بدعة فلما خرجا من المقابر قال محمد بن
قدامة
لأحمد بن حنبل: يا أبا عبدالله ما تقول في مبشر الحلبي؟ قال: ثقة قال: كتبت عنه شيئا؟
قال نعم قال: فأخبرني مبشر عن عبدالرحمن بن
اللجلاج
عن أبيه أنه أوصى إذا دفن أن يقرأ عند رأسه بفاتحة البقرة وخاتمتها وقال سمعت ابن عمر
يوصي بذلك فقال له أحمد: فارجع وقل
للرجل
يقرأ (وورد مرفوعا في بداية الباب) ...
وقال
الشيخ الإمام أبو محمد بن قدامة المقدسي في آخر كتاب الجنائز من (مغنيه) ما نصه: لا
بأس بالقراءة عند القبر وقد روى عن أحمد أنه قال: (إذا دخلتم المقابر فاقرؤوا آية الكرسي
وثلاث مرات قل هو الله أحد ثم قل : اللهم إن فضله لأهل المقابر) ...
وصح
عن ابن عمر (أنه أوصى إذا دفن أن يقرأ عنده بفاتحة البقرة وخاتمتها) ثم قال : وأي قربة
من دعاء واستغفار وصلاة وصوم وحج
وقراءة
وغير ذلك فعلها مسلم وجعل ثوابها لميت مسلم أوحي نفعه، قال أحمد: (الميت يصل إليه كل
شيء من الخير للنصوص الواردة فيه) ،
وذكره
المجد وغيره حتى ولو أهداها للنبي صلى الله عليه وآله وسلم جاز ووصل إليه ثوابها
... الروض المربع (1/153)
أكتفي
بهذا القدر و أسأل الله سبحانه و تعالى أن يرينا الحق حقا ويرزقنا اتباعه ويرنا الباطل
باطلا و يرزقنا اجتنابه ...
و
صلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
السلام
عليكم
__________________
لا
تنسوني من صالح دعائكم بارك الله فيكم
0 comments:
Post a Comment